للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الزُّرَقِيُّ [١] .

ثُمَّ مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِأَبِي جَهْلٍ حِينَ أَمَر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْتِمَاسِهِ، وَقَالَ فِيمَا بَلَغَنَا: إِنْ خَفِيَ عَلَيْكُمْ فِي الْقَتْلَى فَانْظُرُوا إِلَى أَثَرِ جُرْحٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَإِنِّي ازْدَحَمْتُ أَنَا وَهُوَ يَوْمًا عَلَى مَأْدُبَةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ [٢] ، وَنَحْنُ غُلامَانِ، وَكُنْتُ أَشَفَّ مِنْهُ [٣] بِيَسِيرٍ، فَدَفَعْتُهُ، فَوَقَعَ عَلَى رُكْبَتِهِ فَجُحِشَ [٤] فِيهَا. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَوَجَدْتُهُ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى عُنُقِهِ.

وَقَدْ كَانَ ضَبَثَ [٥] بِي مَرَّةً بِمَكَّةَ، فَآذَانِي وَلَكَزَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ أَخْزَاكَ اللَّهُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ؟ قَالَ: وَبِمَاذَا أَخْزَانِي، وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟

أَخْبِرْنِي لمن الدائرة اليوم؟ قلت: للَّه ولرسوله. قَالَ لَقَدِ ارْتَقَيْتَ، يَا رُوَيْعِيِّ الْغَنَمِ مُرْتَقًى صعبا. قال فاحترزت رَأْسَهُ وَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَأْسُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ. قَالَ: آللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ؟

قُلْتُ: نَعَمْ. وَأَلْقَيْتُ الرَّأْسَ بَيْنَ يَدَيَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى أَنْ يُطْرَحُوا فِي قَلِيبٍ [٦] هُنَاكَ. فَطُرِحُوا فِيهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَإِنَّهُ انْتَفَخَ فِي دِرْعِهِ فَمَلَأَهَا، فَذَهَبُوا لِيُخْرِجُوهُ فَتَزَايَلَ، فَأَقَرُّوهُ بِهِ، وألقوا عليه التراب فغيّبوه.


[١] الزّرقيّ: نسبة إلى زريق، بطن من الأنصار. (اللباب ٢/ ٦٥)
[٢] هو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب، وهو الّذي اجتمعت قريش في داره وصنع لهم طعاما يوم حلف الفضول، فتعاهدوا وتعاقدوا أن يكونوا مع المظلوم. وفي هذا الحلف يقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما أحبّ أنّ لي بحلف حضرته بدار ابن جدعان حمر النّعم، وأنّي أغدر به، ولو دعيت به لأجبت» . (سيرة ابن هشام ١/ ١٥٥) .
[٣] أشفّ منه: ينقص عنه أو يزيد عليه (من الأضداد) .
[٤] الجحش: سحج الجلد وقشره من شيء يصيبه، أو كالخدش.
[٥] في هامش ح: (ضبث به: أمسكه) . وقال الزبيدي ٥/ ٢٨٧: قبض عليه بكفّه.
[٦] القليب: البئر (تاج العروس ٤/ ٧٢) .