للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يونس بن محمد المكّيّ: قال فُضَيْلٌ لرجل: لَأعلمنَّك كلمةً خير لك من الدنيا وما فيها. والله لئن علِم الله منك إخراجكَ الأدميّين من قلبك حتّى لا يبقى في قلبك مكان لغيره، ثمّ تسأله شيئًا إلّا أعطاك.

وعن فضيل قال: ما أدري ما أنا، أكذّابٌ أم مُرائي.

وروى عليّ بن عثام: قال الْفُضَيْلُ: ما دخلت على أحدٍ إلا خفتُ أن أتصنّع له، أو يتصنّع لي.

قال أحمد بن أبي الحواريّ: ثنا محمد بن إسحاق قال: أتينا فُضَيْلَ بن عِياض نسمع منه، قال: لقد تعوّذتُ باللَّه من شرِّكم. قلنا: ولم يا أبا عليّ؟

قال: أكره أن تزيّنوا لي وأتزيّن لكم.

قال ابن أبي الحواريّ، ونا أبو عبد الله الأنطاكيّ قال: اجتمع فُضَيْلٌ، والثَّوْريّ فتذاكروا، فرق سُفيان وبكى، ثمّ قال لِفُضَيْلٍ: أرجو أن يكون هذا المجلس علينا رحمة وبركة. فقال له الْفُضَيْلُ: لكنّي يا أبا عبد الله أخاف أن يكون أضرّ علينا من غيره. ألستَ تخلّصت إلى أحسن حديثك، وتخلَّصتُ أنا إلى أحسن حديثي، فتزيّنتُ لك، وتزيّنتُ لي. فبكى سُفيان وقال: أحْييتني أحياك الله [١] .

وقال الفَيض بن إسحاق: قال لي الْفُضَيْلُ: لو قيل لك يا مُرائي غضبتَ وَشُقَّ عليك وعسى ما قيل لك حقّ، تزيّنت للدنيا، وتصنّعت لها [٢] ، وقصَّرت ثيابك، وحسّنتَ سمتك، وكففت أذاك حتّى يقولوا: أبو زيد عابد، ما أحسن سَمْتَه، فيُكرمونك، وينظرونك، ويُهدون إليك مثل الدِّرْهم السُّتُّوق [٣] ، لا يعرفه كلّ أحد، فإذا قشروا، قشروا عن نحاس [٤] . ويْحك، ما تدري في أي الأصناف تُدْعَى غدا.


[١] سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٨٧.
[٢] حتى هنا في حلية الأولياء ٨/ ٩٤.
[٣] الدرهم السّتّوق: الرديء المزيّف. (اللسان) .
[٤] حتى هنا في سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٨٧، ٣٨٨، وهو باختصار أيضا في: صفة الصفوة ٢/ ٢٤٠.