للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنت ظالم، وترى أنّك مظلوم، وأنت فاسق، وترى أنّك عدْل، وأنت آكل للحرام، وترى أنّك متورِّع.

محرز بن عَوْن: أتيت الْفُضَيْلَ وسلمت عليه، فقال: وأنت أيضًا من أصحاب الحديث؟ ما فعل القرآن؟ والله لو نزل حرف باليمن لكَان ينبغي أن تذهب حتّى تَسمعه، والله لأن تكون راعي الحُمُر وأنت طائع، خيرٌ لك من أن تطوف بالبيت وأنت عاصٍ [١] .

إسحاق بن إبراهيم الطّبريّ: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: لو طلبت منّي الدنانير كان أيْسَرَ من أن تطلب منّي الأحاديث.

فقلت: لو حدّثتني بأحاديث كان أحبّ إلي من عِدّتها دنانير.

قال: أنت مفتون: أما والله لو عملتَ بما سمعت لكان لك في ذلك مُنْشَغلٌ عمّا لم تسمع. سمعتُ سُليمان بن مهران يقول: إذا كان بين يديك طعام فتأخذ اللُّقْمة وترمي بها خلفَ ظهرك، فمتى تشبع [٢] ؟.

عبّاس الدُّوريّ: ثنا محمد بن عبد الله الأنباريّ: سمعتُ فُضَيْلا يقول:

لما قدِم هارون الرشيد إلى مكّة، قعد في الحِجْر هو وولده وقومٌ من الهاشميّين، وأحضروا المشايخ. فبعثوا إليَّ، فأردت أن لا أذهب، واستشرت جاري فقال: اذهب، لعلّه يريد أن تحدّثه أو تَعِظه. فدخلت المسجدَ فلمّا صرت إلى الحِجْر قلت لأدناهم إلي: أيُّكم أميرُ المؤمنين؟ فأشار إليه، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فردّ علي وقال:

أقعد. ثمّ قال: إنّما دعوناك لتحدّثنا بشيءٍ وتعِظنا.

قال: فأقبلت عليه وقلت: يا حَسَن الوجه، حِسَابُ الخلق كلّهم عليك.

قال: فجعل يبكي ويشْهق. فرددت عليه وهو يبكي، حتّى جاء الخادم، فحملوني وأخرجوني، وقالوا: اذهب بسلام [٣] .


[١] تهذيب الكمال ٢/ ١١٠٤.
[٢] حلية الأولياء ٨/ ٨٧، تهذيب الكمال ٢/ ١١٠٤.
[٣] سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٨٨، ٣٨٩.