للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَسَارُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِعِرْقِ الظُّبْيَةِ [١] لَقِيَهُمْ راكب مِنْ قِبَلَ تِهَامَةَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهِ. فَقَالُوا: سَلِّمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَفِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. وَأَشَارُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فَحَدِّثْنِي بِمَا فِي بَطْنِ نَاقَتِي هَذِهِ. فَغَضِبَ سَلَمَةُ [٢] بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: وَقَعْتَ عَلَى نَاقَتِكَ فَحَمَلَتْ مِنْكَ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ سَلَمَةُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ.

ثُمَّ سَارَ لَا يَلْقَاهُ خَبَرٌ وَلَا يَعْلَمُ بِنَفْرَةِ [٣] قُرَيْشٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

أَشِيرُوا عَلَيْنَا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَسَافَةِ الْأَرْضِ.

أَخْبَرَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي الزَّغْبَاءِ: أَنَّ الْعِيرَ كَانَتْ بِوَادِي كَذَا [٤] .

وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قُرَيْشٌ وَعِزُّهَا [٥] ، وَاللَّهِ مَا ذلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ وَلَا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتْ. وَاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّكَ، فَتَأَهَّبَ. لِذَلِكَ.

فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلِيَّ.

قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قال أصحاب موسى اذهب أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ ٥: ٢٤، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ متّبعون. فقال: أشيروا عليّ.


[١] عرق الظبية: بكسر العين وسكون الراء، والظبية: بضم الظاء المعجمة. قال الواقدي: هو من الروحاء على ثلاثة أميال مما يلي المدينة، وبعرق الظبية مسجد للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وفي كتاب نصر:
عرق الظبية بين مكة والمدينة قرب الروحاء، وقيل: هي الروحاء نفسها، (معجم البلدان ٤/ ٥٨) وفي نسخة شعيرة ١٣٦ «عرق الطيب» وهو غلط.
[٢] في الأصل: (سلامة) . خطأ صوابه من ع، ح والإصابة (٢/ ٦٥) .
[٣] النفرة: الجماعة يتقدّمون في الأمر، ومثلها النفير.
[٤] في الأصل: (كدا) ، وفي ع، ح: (كذا) . فهي إمّا أن تكون بمعنى الإشارة إلى الشيء، على التكنية كما يقال: حدّث كذا وكذا، وإمّا أن تكون كداء أو كدي وهما اسمان لموضعين، وفي تسميتهما وتحديد موضعهما انظر ياقوت (٤/ ٤٣٩) .
[٥] في ع: (وعيرها) تصحيف.