للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فُلَانٍ، نَسِيبٌ لِعُمَرَ، فَأَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا.

فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَبْكِيَانِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِيَانِ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِلا تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا.

فَقَالَ: أَبْكِي لِلَّذِي عُرِضَ عَلَى أَصْحَابِكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ. لَقَدْ عُرِضَ عَليَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، شَجَرَة قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ في الْأَرْضِ ٨: ٦٧ [١] إِلَى قَوْلِهِ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً ٨: ٦٩ [٢] ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [٣] .

وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ لهم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: أَنْتَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ فَاضْرِمْ نَارًا ثُمَّ أَلْقِهِمْ فِيهَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ. فَقَالَ عُمَرُ:

قَادَتُهُمْ وَرُءُوسُهُمْ قَاتَلُوكَ وَكَذَّبُوكَ، فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:

عَشِيرَتُكَ وَقَوْمُكَ.

ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْقَوْلُ مَا قَالَ عُمَرُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ما تقولون [٢١ ب] فِي هَؤُلَاءِ؟ إِنَّ مَثَلَ هَؤُلَاءِ كَمَثَلِ إِخْوَةٍ لهم كانوا من قبلهم، قال نوح:


[١] سورة الأنفال: من الآية ٦٧.
[٢] سورة الأنفال: من الآية ٦٩.
[٣] صحيح مسلم (١٧٦٣) : كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.