للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دخل عَليْهِ مرّةً ابن السّمّاك الواعظ، فبالَغَ في احترامه، فقال لَهُ ابن السّمّاك: تواضُعك في شرفك أشرفُ مِن شَرَفك. ثمّ وعظه فأبكاه [١] .

وقد وعظه الفُضَيْل بْن عياض حتى جعل يشهق بالبكاء. وكان هُوَ أتى بنفسه إلى بيت الفُضَيْل [٢] .

ومن محاسنه أنّه لمّا بلغه موتُ ابن المبارك جلس للعزاء، وأمر الأعيان أن يُعَزُّوه في ابن المبارك.

قَالَ نِفْطَوَيْه في تاريخه: حكى بعض أصحاب الرّشيد أنّ الرشيد كَانَ يصلّي في اليوم مائة ركعة، لم يتركها إلا لِعلّة. وكان يقتفي آثار جدّه أَبِي جعفر، إلا في الحرْص وَالْبُخْلِ [٣] .

قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ: مَا ذَكَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ إِلا قَالَ:

صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِي. وَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أحبى ثُمَّ أُقْتَلُ» [٤] ، فَبَكَى حَتَّى انْتَحَبَ [٥] . وعن خُرَّزاذ القائد قَالَ: كنت عند الرشيد، فدخل أبو معاوية الضّرير، وعنده رَجُل مِن وجوه قريش، فذكر أبو معاوية حديث: «احتجّ آدمُ وموسى» [٦] ، فقال الْقُرَشِيّ: فأين لِقيه؟ فغضب الرشيد وقال: النّطع والسّيف،


[١] تاريخ الخلفاء للسيوطي ٢٨٤.
[٢] تاريخ بغداد ١٤/ ٨.
[٣] قارن بتاريخ بغداد ١٤/ ٦ و ٧.
[٤] هذا الحديث جزء من حديث طويل رواه البخاري من حديث أبي هريرة في الجهاد، باب تمنّي الشهادة، وفي التمنّي، باب ما جاء في تمنّي الشهادة» .
ورواه مسلم في الإمارة (١٠٣ و ١٠٦/ ١٨٧٦) باب: فضل الشهادة.
وابن ماجة في الجهاد (٢٧٥٣) .
وأحمد في المسند ٢/ ٢٣١ و ٤٢٤.
[٥] تاريخ بغداد ١٤/ ٧.
[٦] الحديث أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٢٨٧ و ٣١٤.
ورواه البخاري في القدر باب: تحاجّ آدم وموسى.
ومسلم في القدر (٢٦٥٢) باب: حجاج آدم موسى.
ومالك (٢/ ٨٩٨) في القدر، باب النهي عن القول بالقدر.