للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ كَانَ مَعَهُمْ، فَأُصِيبَ فِي وَجْهِهِ بِالسَّيْفِ أَوْ رِجْلِهِ.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَمَشَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [٣٠ رب] إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ [١] ، ثُمَّ وَجَّهَهُمْ وَقَالَ: انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، اللَّهمّ أَعِنْهُمْ. وَذَكَرَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِأَطْوَلِ مِمَّا هُنَا وَأَحْسَنَ عِبَارَةً، وَفِيهِ: فَاجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ مُحَمَّدٌ، وَسِلْكَانُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، وَهُوَ أَبُو نَائِلَةَ الْأَشْهَلِيُّ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ الْحَارِثِيُّ. فَقَدَّمُوا إِلَى ابْنِ الْأَشْرَفِ سِلْكَانَ، فَجَاءَهُ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ سَاعَةً وَتَنَاشَدَا شِعْرًا، ثُمَّ قَالَ:

وَيْحَكَ يَا بْنَ الْأَشْرَفِ، إِنِّي قَدْ جِئْتُ لِحَاجَةٍ أُرِيدُ ذِكْرَهَا لَكَ فَاكْتُمْ عَنِّي.

قَالَ: أَفْعَلُ. قَالَ: قَدْ كَانَ قُدُومُ هَذَا الرَّجُلُ عَلَيْنَا بَلَاءً مِنَ الْبَلَاءِ، عَادَتْنَا الْعَرَبُ وَرَمَوْنَا مِنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَقُطِعَتْ عَنَّا السُّبُلُ حَتَّى ضَاعَ الْعِيَالُ وَجُهِدْنَا.

فَقَالَ: أنا بن الأشرف! أما والله لقد أخبرتك يا بن سَلَامَةَ أَنَّ الْأَمْرَ سَيَصِيرُ إِلَى مَا أَقُولُ. فَقَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَبِيعَنَا طَعَامًا وَنَرْهَنُكَ وَنُوثِّقَ لَكَ، وَتُحْسِنُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: أَتَرْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ؟ قَالَ: لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَفْضَحَنَا.

إِنَّ مَعِي أَصْحَابًا لِي عَلَى مِثْلِ رَأْيِي، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ آتِيكَ بِهِمْ فَتَبِيعَهُمْ، وَتُحْسِنَ فِي ذَلِكَ، وَنَرْهَنُكَ مِنَ الْحَلْقَةِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ. قَالَ: فَرَجَعَ سِلْكَانُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا السِّلَاحَ ثُمَّ يَنْطَلِقُوا فَيَجْتَمُعُوا إليه. واجتمعوا، وساق القصّة [٢] .


[١] بقيع الغرقد: مقبرة أهل المدينة المعروفة بالبقيع. والغرقد كبار العوسج.
[٢] انظر: سيرة ابن هشام ٣/ ١٤٠، ١٤١، تاريخ الطبري ٢/ ٤٨٩، ٤٩٠، عيون الأثر ١/ ٢٩٩، ٣٠٠، المغازي للواقدي ١/ ١٨٤ وما بعدها، فتح الباري ٧/ ٣٣٧- ٣٤٠.