للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرِّضا. ولمّا جعله وليّ عهده نزع السّواد العبّاسيّ وألبس النّاس الخُضْرة.

وضُرب اسم الرِّضا عَلَى الدينار والدرهم.

وقيل إنّه قَالَ يومًا للرّضا: ما يَقُولُ بنو أبيك في جدّنا العبّاس؟

قَالَ: ما يقولون في رجلٍ فرض اللَّه طاعة نبيه عَلَى خلقه، وفرض طاعته عَلَى نبيه [١] . فأمر لَهُ المأمون بألف درهم [٢] . وَبَلَغَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ مُوسَى خَرَجَ بِالْبَصْرَةِ عَلَى الْمَأْمُونِ وَفَتَكَ بِأَهْلِهَا. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ أَخَاهُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا يَرُدُّهُ عَنْ ذَلِكَ. فَسَارَ إِلَيْهِ فِيمَا قِيلَ وَحَجَّهُ وَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ يَا زَيْدُ، فَعَلْتَ بِالْمُسْلِمِينَ مَا فَعَلْتَ، وَتَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاللَّهِ لأَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَنْبَغِي لِمَنْ أَخَذَ بِرَسُولِ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَ بِهِ. فَبَلَغَ كَلَامُهُ الْمَأْمُونَ فَبَكَى، وَقَالَ: هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ [٣] .

وَلِأَبِي نُوَاسٍ فِي عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ:

قِيلَ لِي أَنْتَ أَحْسَنُ النَّاسِ طُرًّا ... فِي فُنُونٍ مِنَ الْمَقَالِ النَّبِيهِ

لَكَ مِنْ جَيِّدِ الْقَرِيضِ مَدِيحٌ ... يُثْمِرُ الدُّرُّ فِي يَدَيْ مُجْتَنِيهِ

فَعَلامَ تَرَكْتَ مَدْحَ ابْنِ مُوسَى ... وَالْخِصَالَ الَّتِي تَجَمَّعْنَ فِيهِ

قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ مَدْحَ إِمَامٍ ... كَانَ جِبْرِيلُ خَادِمًا لِأَبِيهِ [٤]

قُلْتُ: هَذَا لَا يَجُوزُ إِطْلاقُهُ مِنْ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خادما لأبيه إلّا


[١] في الهامش هنا: «هذا من الألغاز. والّذي يفهم من الضمير في طاعته أنه للعباس، وليس كذلك، إنما هو عائد على الله تعالى، فأعرفه» . وانظر نحوه في: سير أعلام النبلاء ٩/ ٣٩١.
[٢] وفيات الأعيان ٣/ ٢٧١، الوافي بالوفيات ٢٢/ ٢٤٩.
[٣] وفيات الأعيان ٣/ ٢٧١، والوافي بالوفيات ٢٢/ ٢٥٠.
[٤] الأبيات في: وفيات الأعيان ٣/ ٢٧٠، والوافي بالوفيات ٢٢/ ٢٤٩، وقيل كان سبب قول أبي نواس لهذه الأبيات أن بعض أصحابه قال له: ما رأيت أوقح منك، ما تركت خمرا ولا طردا ولا معنى إلّا قلت فيه شيئا، وهذا عليّ بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئا!!، فقال: والله ما تركت ذلك إلا إعظاما له، وليس قدر مثلي أن يقول في مثله، ثم أنشد بعد ساعة هذه الأبيات. (وفيات الأعيان ٣/ ٢٧٠، ٢٧١) .