للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعنك، وخذ بنا في أنساب النساء. فلمّا أخذوا فيها بَقِيَ ابن هشام [١] .

وقال يونس بْن عَبْد الأعلى: كَانَ الشّافعيّ إذا أخذ في أيّام النّاس يَقُولُ:

هذه صناعته.

وقال أحمد بْن محمد ابن بنت الشّافعيّ: ثنا أَبِي قَالَ: أقام الشّافعيّ عَلَى العربية وأيام النّاس عشرين سنة وقال: ما أردت بهذا إلّا الاستعانة عَلَى الفقه [٢] .

وقال أبو حاتم: ثنا يونس بْن عَبْد الأعلى: قَالَ: ما شاهدت أحدًا لقى من السقم ما لقي الشّافعيّ ... فدخلت عَلَيْهِ فقال: اقرأ عليَّ ما بعد العشرين والمائة من آل عِمران، فقرأت ولمّا قمت قَالَ: لا تغفل عنّي فإنّي مكروب.

قَالَ يونس: عَنَى بقراءتي ما بعد العشرين والمائة ما لقي النَّبِيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلّم وأصحابه أو نحوه [٣] .

وقال ابن خُزَيْمة، وغيره: ثنا المُزَنيّ قَالَ: دخلت عَلَى الشّافعيّ في مرضه الّذي مات فيه، فقلت: يا أبا عَبْد اللَّه كيف أصبحت؟ فرفع رأسه وقال: أصبحت من الدّنيا راحلًا، ولأخواني مفارقًا، ولسوء عملي مُلاقيًا، وعلى اللَّه واردًا. ما أدري روحي تصير إلى جنةٍ فأهنئها، أو إلى نارٍ فأعزيها [٤] . ثمّ بكى وأنشأ يَقُولُ:

ولما قسا [٥] قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلتُ رجائي دون عَفْوِك سُلَّما

تعاظَمَني ذَنْبي فلمّا قَرَنْتُهُ ... بعَفْوِك ربّي كَانَ عفْوُكَ أَعْظَما

فما زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْب لم تَزَلْ ... تجودُ وتعفو منّةً وتَكرما

فإنْ تنتقِمْ منِّي فلستُ بآيِسٍ ... ولو دَخَلَتْ نفسي بجرم جهنّما


[١] أي انقطع وتوقّف عن المذاكرة. (مناقب الشافعيّ للبيهقي ١/ ٤٨٨ و ٢/ ٤٢، توالي التأسيس ٦٠) .
[٢] مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢/ ٤٢.
[٣] آداب الشافعيّ ٧٦، ٧٧، مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢/ ٢٩٣، تهذيب الأسماء واللغات ١/ ٦٥، توالي التأسيس ٦٩ و ٨٣.
[٤] حتى هنا في الزهد الكبير للبيهقي ٢٢٢ رقم ٥٧٥.
[٥] في الأصل «قسى» ، وكذا في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ١/ ١٥٦.