للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد. فأنكرنا ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كِتَابُ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي يَوْمِ أُحُدٍ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ٣: ١٥٢ وَالْحَسُّ: الْقَتْلُ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَراكُمْ مَا تُحِبُّونَ ٣: ١٥٢ [١] الْآيَةَ. وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرُّمَاةَ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ. وَقَالَ: احْمُوا ظُهُورَنَا، فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ فَلا تَنْصُرُونَا، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلَا تُشْرِكُونَا. فَلَمَّا غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْكَفَأَ عَسْكَرُ الْمُشْرِكِينَ، نَزَلَتِ الرُّمَاةُ فدخلوا في العسكر ينتهبون، وَقَدِ الْتَفَّتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ هَكَذَا، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ، وَانْتَشَبُوا [٢] . فَلَمَّا خَلَّى الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخِلَّةَ [٣] الَّتِي كَانُوا فِيهَا، دَخَلَ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَبَسُوا [٤] . وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ. وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ أَوَّلُ النَّهَارِ، حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ. وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ. وَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ. فَلَمْ يُشَكَّ فِيهِ أَنَّهُ حَقٌّ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: كُنْتُ مِمَّنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا.

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [٥] .

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ:


[١] سورة آل عمران: من الآية ١٥٢.
[٢] في الأصل: التبسوا. والتصحيح من مسند أحمد (١/ ٢٨٧) وتفسير ابن كثير (٢/ ١١٤) وانتشبوا أي تضامّوا وتعلّق بعضهم ببعض. (تاج العروس ٤/ ٢٦٩) .
[٣] الخلة: الهضبة.
[٤] في هامش الأصل: التبسوا أي اختلطوا.
[٥] صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب «ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نعاسا» إلخ (٥/ ١٢٧) .