ثم وجّه بجواباتهم إلى المأمون، فورد عليه كتاب المأمون: بَلَغَنا ما أجاب به مُتَصَنِعَةُ أهل القِبْلة، ومُلْتَمِسُوا الرئاسة، فيما ليسوا له بأهلٍ. فمن لم يُجِب أنّه مخلوق فامنعْه من الفتوى والرواية.
ويقول في الكتاب: فأمّا ما قال بِشْر فقد كذب. لم يكن جرى بين أمير المؤمنين وبينه في ذلك عهد أكثر من إخبار أمير المؤمنين من اعتقاده كلمة الإخلاص، والقول بأنّ القرآن مخلوق. فادعُ به إليك، فإنْ تاب فأَشْهِرْ أمره، وإِنْ أصرّ على شِرْكه، ودفع أن يكون القرآن مخلوقًا بكُفْره وإلحاده، فاضربْ عُنُقه، وابعث إلينا برأسه.
وكذلك إبراهيم بن المهْدي فامتَحِنْه، فإنْ أجاب، وإلّا فاضربْ عُنُقه.
وأمّا عليّ بن أبي مقاتل، فقُل له: ألستَ القائل لأمير المؤمنين: إنّك تحلِّل وتحرِّم.
وأما الذَّيّال، فأعلمه أنّه كان في الطّعام الذي سرقه من الأنبار ما يشغله.
وأمّا أحمد بن يزيد أبو العوّام وقوله إنّه لَا يُحْسِن الجواب في القرآن، فأَعْلِمْه أنّه صبيُّ، في عقله لَا في سِنِّه، جاهلٌ سيُحْسِن الجواب إذا أُدِّب. ثم إنْ لم يفعل كان السيفُ من وراء ذلك.
وأمّا أحمد بن حنبل، فأَعْلِمْه أنّ أمير المؤمنين قد عرف فحوى مقالته، واستدّل على جَهْله وآفته بها.
وأمّا الفضل بن غانم، فأَعلْمِهْ أنّه لم يَخْفَ على أمير المؤمنين ما كان منه بمصر، وما اكتسب من الأموال في أقل من سنة، يعني في ولايته القضاء.
وأمّا الزّياديّ، فأَعلِمْه أنّه كان مُنتحلًا ولا كأوّلِ دَعِيٍّ. فأنكر أبو حسّان أن يكون مولى لزياد بن أبيه، وإنّما قيل له الزّياديّ لأمرٍ من الأمور.
[١] تاريخ الطبري ٨/ ٦٣٧- ٦٣٩، العيون والحدائق ٣/ ٣٧٦، ٣٧٧، الكامل في التاريخ ٦/ ٤٢٣- ٤٢٥، نهاية الأرب ٢٢/ ٢٣٣- ٢٣٥، البداية والنهاية ١٠/ ٢٧٣، النجوم الزاهرة ٢/ ٢٢٠، ٢٢١، تاريخ الخلفاء ٣١٠، ٣١١.