للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق [١] : وزعم عاصم بن عمر بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ وَقْشٍ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مَعَ ابْنَيْهِ.

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ جَمَاعَةً قُتِلُوا سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا.

وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ [إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ [٢]] عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَفَعَ حُسَيْلُ [٣] بْنُ جَابِرٍ- وَالِدُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ- وَثَابِتُ بْنُ وَقْشٍ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ- وَهُمَا شَيْخَانِ كَبِيرَانِ-: «لَا أَبَا لَكَ، مَا نَنْتَظِرُ؟ فو الله مَا بَقِيَ لِوَاحِدٍ مِنَّا مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا ظِمْءُ حِمَارٍ [٤] ، إِنَّمَا نَحْنُ هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ، أَفَلَا نَأْخُذُ أَسْيَافَنَا ثُمَّ نَلْحَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهُ يرزقنا الشهادة مع رسوله؟ فخرجنا حَتَّى دَخَلَا فِي النَّاسِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا. فَأَمَّا ثَابِتٌ فَقَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَمَّا حُسَيْلٌ فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ [٥] .

قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُلٌ أَتِيُّ [٦] لَا يُدْرَى مِمَّنْ هُوَ، يُقَالُ لَهُ قُزْمَانُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا ذُكِر لَهُ: إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّار. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَتَلَ وَحْدَهُ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ ذَا بَأْسٍ، فَأَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، فَاحْتَمَلَ إِلَى دَارِ بَنِي ظَفَرٍ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَبْلَيْتَ الْيَوْمَ يَا قُزْمَانُ، فَأَبْشِرْ. قَالَ: بِمَاذَا أبشر؟ والله إن


[١] سيرة ابن هشام ٣/ ١٨٩.
[٢] ما بين الحاصرتين إضافة من سيرة ابن هشام ٣/ ١٦٧.
[٣] حسيل: بالتصغير.
[٤] الظمء: ما بين الشربتين أو السقيتين. يقال في المثل: ما بقي من عمره إلّا ظمء حمار أي شيء يسير.
[٥] انظر الإصابة ١/ ١٩٦ (ثابت بن وقش) و ١/ ٣٣١ رقم ١٧٢٠ (حسيل بن جابر) والخبر في السيرة ٣/ ١٦٧، ١٦٨.
[٦] الأتيّ: الّذي لا يدرى من أين أتى.