للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَكُونَ [١] سُنَّةً مِنْ بَعْدِي [٢] مَا غُيِّبَ [٣] حَتَّى يَكُونَ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ» . وَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: لئن ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بِثَلَاثِينَ مِنْهُمْ. فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بِهِ مِنَ الْجَزَعِ قَالُوا: لَئِنْ ظَفِرْنَا بِهِمْ لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ بِأَحَدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ به ١٦: ١٢٦ [٤] ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. فَعَفَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم [٤٠ ب] . [٥] . وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ قِصَّةَ أُحُدٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ أَقْبَلَتْ لِتَنْظُرَ إِلَى حَمْزَةَ- وَهُوَ أَخُوهَا لِأَبَوَيْهَا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِهَا الزُّبَيْرِ: الْقَهَا فَأَرْجِعْهَا، لَا تَرَى مَا بِأَخِيهَا. فَلَقِيَهَا فَقَالَ: أَيْ أُمَّهْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعِي. قَالَتْ: وَلِمَ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ مُثِّلَ بِأَخِي، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ، فَمَا أَرْضَانَا بِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ، فَلْأَحْتَسِبَنَّ وَلَأَصْبِرَنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَجَاءَ الزُّبَيْرُ فَأَخْبَرَهُ قَوْلَهَا، قَالَ: فَخَلِّ سَبِيلَهَا. فَأَتَتْهُ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَتْ وَاسْتَغْفَرَتْ لَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَدُفِنَ [٦] . وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ [٧] ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ، فَلَقِيَتْ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ، فَأَرَيَاهَا [٨] أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ. فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: فَإِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا. فَوَضَعَ


[١] في السيرة «يكون» .
[٢] في الأصل: ما بعدي. وأثبتنا لفظ ع والسيرة.
[٣] في السيرة «لتركته» .
[٤] سورة النحل: من الآية ١٢٦.
[٥] سيرة ابن هشام ٣/ ١٧١ وفيه إضافة «وصبر ونهى عن المثلة» .
[٦] السيرة ٣/ ١٧٢.
[٧] في الأصل: عباس. والتصحيح من ع، وتهذيب التهذيب (١٢/ ٣٤) .
[٨] في الأصل: فأريا، وأثبتنا عبارة ع.