للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إنّ المأمون نظر إلى عمّه إبراهيم بن المهديّ وكان يُلَقَّب بالتِّنّين، فقال: ما أظنّك عشقت قطّ. ثم أنشد:

وجه الذي يعشق معروفُ ... لأنّه أصفرٌ منحوف

ليس كمن يأتيك ذا جُثّة ... كأنّه للذّبْح معلوف

وعن المأمون قال: أعياني جوابُ ثلاثة. صِرتُ إلى أمّ ذي الرّئاستين أُعزّيها فيه، فقلت: لَا تأسَيْ عليه فإنّي عِوَضه لكِ.

قالت: يا أمير المؤمنين وكيف لَا أحزن على ولدٍ أكسبني مثلك.

وأُتيتُ بِمُتنبئ فقلت: مَن أنت؟

قال: أنا موسى بن عِمران.

قلت: ويْحك، موسى كانت له آيات فأْتني بها حتى أؤمن بك.

فقال: إنّما أتيت بتلك المعجزات فرعون، إذ قال أنا ربّكم الأعلى. فإن قلت كذلك أتيتك بالآيات.

قال: وأتى أهلُ الكوفة يشكون عاملهم فقال خطيبهم: هو شرّ عاملٍ. فأمّا في أول سنةٍ فإنّا بِعْنا الأثاث والعقار، وفي الثانية بعنا الضّياع، وفي الثالثة نزحنا عن بلدنا وأتيناك نستغيث بك.

فقلت: كذبت، بل هو رجل قد حمدتُ مذهبَهُ، ورضيتُ دينَهُ، واخترتُهُ معرفةً منّي بقديم سخطكم على العمّال.

قال: صدقتَ يا أمير المؤمنين وكذبتُ أنا. فقد خصصْتنا به هذه المدّة دون باقي البلاد، فاستعمله على بلدٍ آخر ليشملهم من عدله وإنصافه مثل الذي شملنا.

فقلت: قُم في غيرِ حِفْظ الله، قد عزلته عنكم [١] .

وممّا يُنسب إلى المأمون من الشّعر قوله:


[ (-) ] لعليّ بن الجهم، ونسبها بعضهم للمأمون وربيع الأبرار للزمخشري ٤/ ٧١ باختلاف في البيت الأخير.
[١] مروج الذهب ٤/ ١٨، ١٩.