للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ٣: ١٧٣ [١] الآيَاتِ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [٢] : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، لَهُ مَقَامٌ يَقُومُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ لا يَتْرُكُهُ شَرَفًا لَهُ فِي نَفْسِهِ وَفِي قَوْمِهِ. فَكَانَ إِذَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ قَامَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أظْهُرِكُمْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَعَزَّكُمْ بِهِ. فَعَزِّرُوهُ وَانْصُرُوهُ وَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ. ثُمَّ يَجْلِسُ حَتَّى إِذَا صَنَعَ يَوْمَ أُحُدٍ مَا صَنَعَ وَرَجَعَ، قَامَ يَفْعَلُ كَفِعْلِهِ، فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ ثِيَابَهُ مِنْ نَوَاحِيهِ، وَقَالُوا: اجْلِسْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، لَسْتَ لِذَلِكَ بِأَهْلٍ، وَقَدْ صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ، فَخَرَجَ يتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي قُلْتُ بُجْرًا [٣] أَنْ قُمْتُ أَشُدُّ أَمْرَهُ: فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِبَابِ المسجد فقال: مالك؟ وَيْلَكَ! قَالَ: قُمْتُ أَشُدُّ أَمْرَهُ فَوَثَبَ عَلَيَّ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَجْبِذُونَنِي [٤] وَيُعَنِّفُونَنِي، لَكَأَنَّمَا قُلْتُ بُجْرًا [٥] .

قَالَ: وَيْلَكَ ارْجِعْ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَبْغِي [٦] أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَثنا سعيد بن محمد ابن أَبِي زَيْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن سعيد، قالوا: كان سويد بن


[١] سورة آل عمران: من الآية ١٧٣.
[٢] سيرة ابن هشام ٣/ ١٧٥.
[٣] في طبعة القدسي ٢٠٥ «هجرا» والتصحيح من سيرة ابن هشام ٣/ ١٧٥ قال السهيليّ في الروض الأنف ٣/ ١٨١: البجر: الأمر العظيم، والبجاري: الدواهي. انظر تاج العروس ١٠/ ١٠٦.
[٤] يجبذونني: يجذبونني.
[٥] انظر الحاشية الأسبق.
[٦] في السيرة «ابتغي» .