للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيلَ سَبْعِمِائَةٍ- وَسَلَكَ عَلَى الْمَضِيقِ [١] ، ثُمَّ أَفْضَى إِلَى وَادِي الشُّقْرَةِ، فَأَقَامَ بِهَا يَوْمًا، وَبَثَّ السّرايا، فرجعوا إليه مع اللّيل وأخبروه أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا أَحَدًا، وَقَدْ وَطِئُوا آثَارًا حَدِيثَةً.

ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصحَابُهُ، حَتَّى أَتَى مَحَالَّهُمْ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَهَرَبُوا إِلَى الْجِبَالِ، فَهُمْ مُطِّلُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَافَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا.

وَفِيهَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه صلاة الخوف.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ [٢] : وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ذَاتُ الرِّقَاعِ لأَنَّهُمْ رَقَعُوا فِيهَا رَايَاتِهِمْ. قَالَ: وَيُقَالُ ذَاتُ الرِّقَاعِ شَجَرَةٌ هُنَاكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا غَزْوَتَانِ.

وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سِنَانٌ الدُّؤَلِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نجد، فلما قفل قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعَضَاةِ [٣] ، فَنَزَلَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعَضَاةِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ.

وَقَالَ: هُوَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلِقَ بِهَا سَيْفَهُ. فَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَا فَأَجَبْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ. فَشَامَ [٤] السَّيْفَ وَجَلَسَ. فَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [٥] .


[١] المضيق: قرية كبيرة في لحف جبل آرة قريبة من الفرع.
[٢] سيرة ابن هشام ٣/ ٢٤٦.
[٣] العضاة: أعظم الشجر أو كلّ شجرة ذات شوك.
[٤] شام السيف: أغمده.
[٥] صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرّقاع. وكتاب الجهاد والسير، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، وباب تفريق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر.