للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ قالوا: ليس الرأي إلّا أن نُحضر هارون المُسْتَملي.

فأحضروه. فلمّا قال: من ذكرت رَحمك الله. إذا صوته خلاف الرَّعْد.

فسكتوا، وقعد المستملون كلُّهم. واستملى هارون، وكان لا يسأل سليمان عن حديث إلّا حدَّث من حِفْظه. فقمنا من مجلسه فأتينا عَفَّان، فقال: ما حدّثكم أبو أيّوب [١] ؟ وإذا هو يعظّمه.

وقال الفَسَويّ [٢] : سَمِعْتُ سليمان بن حرب يقول: سَمِعْتُ الحديث في سنة ثمانٍ وخمسين ومائة.

قال: مولده سنة أربعين ومائة [٣] .

وعن يحيى بن أكثم قال: قال لي المأمون: ومَنْ تَرَكتَ بالبصرة؟

قلت: سليمان بن حرب، حافظ للحديث، ثقة، عامل في نهاية الصّيانة.

فأمر بحمله إليه، فقدِم، واتَّفق أنّه كان في مجلس المأمون أحمد بن أبي دُؤَاد، وثُمامة. فكرهتُ أنْ يدخل مثله بحضرتهم. فلمّا دخل رفع المأمون مجلسه، وقال ابن أبي دُؤَاد: يا أمير المؤمنين نسأل الشيخ عن مسألةٍ.

فنظر المأمون إلى سليمان نظر تخيير له، فقال سليمان: ثنا حمّاد بن زيد قال: قال رجلٌ لابن شُبْرُمَة: إنّي أريد أن أسألك مسألةٌ.

قال: إنْ كانت مسألتُك لا تُضْحِك الجليسَ، ولا تُزْري بالمسئول، فَسَلْ.

وثنا وهيب بن خالد قال: قال إياس بن معاوية: مِن المسائل ما لا ينبغي للسّائل أن يسأل عنها، ولا للمسئول أن يجيب فيها. فإنْ كانت مسألته من غير هذا فليسأل.

قال يحيى: فهابه القوم، فما نطقَ أحدٌ منهم بكلمة [٤] .

وقال أحمد بن حنبل: مات سنة أربعٍ وعشرين.


[١] في الأصل «أبو يعقوب» ، والتصويب من (الجرح والتعديل ٤/ ١٠٩) .
[٢] في المعرفة والتاريخ ١/ ١٧٠.
[٣] وكذا قال البخاري في تاريخه، وابن حبّان في الثقات ٨/ ٢٧٦.
[٤] تاريخ بغداد ٩/ ٣٥، وزاد: «حتى قام، وولّاه قضاء مكة، فخرج إليها» .