للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاليومَ حاجَتُنَا إليك، وإنَّما ... يُدْعَى الطّبيبُ لساعةِ [١] الأَوْصَابِ [٢]

وقال أبو العَيْنَاء: كان أحمد بْن أبي دؤاد شاعرًا مُجيدًا، فصيحًا، بليغًا [٣] ، ما رأيتُ رئيسًا أفصح منه.

وقال فيه بعضُ الشعراء:

لقد أَنْسَتْ مساوئَ كلِّ دهر ... محاسن أحمد بن أبي دؤاد

وما سافرتُ فِي الآفاق إِلَّا ... ومن جَدْوَاك راحِلتي وزادي

يُقيمُ [٤] الظّنُّ عندك والأماني ... وإنْ قلقت ركابي في البلاد [٥]

وقال الصُّوليّ: ثنا عَوْن بْن محمد الكِنْدِيّ قال: لَعَهْدِي بالكَرْخ، وَإنّ رجلًا لو قال ابنُ أبي دؤاد مُسلم لقُتِل في مكانه. ثُمَّ وقع الحريق في الكرخ، وهو الذي لَمْ يكن مثله قطّ. كان الرجلُ يقوم في صينّية شارع الكَرْخ فيرى السّفن في دجلة. فكلّم ابن أبي دؤاد المعتصمَ في النّاس وقال: يا أمير المؤمنين رعيّتك في بلد آبائك ودار مُلْكهم، نزل بهم هذا الأمر، فاعِطْف عليهم بشيء يُفَرَّقُ فيهم يُمسك أرماقهم ويبنون به ما انْهَدَمَ.

فلَم يزل يُنازله حتّى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، وقال: يا أمير المؤمنين إنْ فَرّقها عليهم غيري خفتُ أن لا يقسّم بالسَّويَّة.

قال: ذاك إليك.

فقسّمها على مقادير ما ذهبَ منهم، وغرِم من ماله جُملة.

قال عون: فلَعَهْدِي بالكَرْخ بعد ذلك، وإنّ إنسانًا لو قال: زرُّ ابن أبي دؤاد وسِخ لقُتِل [٦] .

وقال ابن دُرَيْد: أنا الحسن بن الخضر قال: كان ابن أبي دؤاد مؤالفًا لأهل الأدب من أيّ بلد كانوا. وكان قد ضمّ إليه جماعة يموّنهم، فلمّا مات


[١] في وفيات الأعيان: «الشدة» .
[٢] البيتان في: تاريخ بغداد ٤/ ١٤٣، ووفيات الأعيان ١/ ٨٧، والبداية والنهاية ١٠/ ٣٢٠.
[٣] تاريخ بغداد ٤/ ١٤٣.
[٤] في تاريخ بغداد: «مقيم» .
[٥] تاريخ بغداد ٤/ ١٤٥.
[٦] تاريخ بغداد ٤/ ١٤٩.