للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له ابن أبي دؤاد: يا شيخ ما تقول في القرآن؟.

فقال: لَمْ تُنْصِفْنِي، وُلِّيَ السّؤال.

قال: سَلْ.

قال: ما تقول في القرآن؟

قال: مخلوق.

قال: هذا شيءٌ عَلِمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وعمر، والخلفاء الراشدون، أم شيء لَم يعلموه؟

فقال- يعني ابن أبي دؤاد-: شيء لم يعلموه.

فقال: سبحان الله، شيء لَم يعلمه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ولا أبو بكر ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت.

فخجل ابن أبي دؤاد فقال: أقِلْنِي.

قال: أَقَلْتُك. ما تقول في القرآن؟.

قال ابن أبي دؤاد: مخلوق.

قال: هذا شيء علمه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ والخلفاء؟

قال: علموه، ولِم يَدْعوا النّاس إليه.

قال: أفلا وَسِعَكَ ما وَسِعَهُم؟

فقام أبي الواثق ودخل خُلْوَته، واستلقى على ظهره وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، ولا عمر، ولا عثمان، ولا عليّ، ولَم يدعوا إليه، أفلا وسِعك مَا وَسِعَهم.

ثُمَّ دعا عمّارًا الحاجب، وأمره أن يرفع عنه القيود، ويعطيه أربعمائة دينار، وسقط من عينيه ابن أبي دؤاد. ولم يمتحن بعدها أحدًا [١] .

قال ثعلب: أنشدني أبو الحَجّاج الأعرابيّ:

نكست الدّين يا ابن أبي دؤاد ... فأصبح من أطاعكَ في ارتدادِ

زَعمت كلام ربّك كان خَلْقًا ... أما لكَ عند ربّك من معاد؟


[١] في الأصل «أحد» ، والمناظرة في: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ٣٥٠- ٣٥٢، وتاريخ بغداد ٤/ ١٥١، ١٥٢.