للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنِّي رأيتُ الْبُخْلَ يُزْري بأهله ... فأكرمُ [١] نفسي أن يُقال بَخيلُ

ومَن خيرِ حالات الفتى- لو علِمْته ... إذا نالَ شيئًا [٢] أن يكون نبيل [٣]

عطائي عطاء المكثرين تكرّما [٤] ... ومالي- كما قد تعلمين- قليل

وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأيُ أمير المؤمنين جميلُ [٥] ؟

فقال: لا كيف إن شاء اللَّه. يا فَضْلُ، أَعْطِهِ مائة ألفَ دِرْهَمٍ. للَّه دَرُّ أبياتٍ تأتينا بِهَا، ما أجودَ أُصولها، وأحسن فُصولها.

فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين كلامُك أحسن من شِعْرِي.

فقال: يا فضل، أعطه مائة ألف أخرى.

قال: فكان ذلك أول ما اعتقدته [٦] .

وهذه الكلمة لإسحاق: رضا المتجنّي غايةٌ ليس تُدْرَكُ [٧] ، وَأَنْشَدَ:

ستذكرني إذا جرّبت غيري ... وتعلم أنّني كنتُ كَنْزا

بذلتُ لك الصَّفاءَ بكلّ جَهْدِي ... وكنتُ كما هويت فصرتُ جزّا

وَهُنْتُ عليكَ لَمّا كنتُ مِمّن ... يهونُ إذا أخوه عليه عَزَّا

ستندمُ إنْ هلكتُ وعِشْتَ بعدي ... وتعلمُ أنّ رَأْيَكَ كان عَجْزا [٨]

وعن إسحاق قال: جاء مروان بْن أبي حفصة إليّ يومًا، فاستنشدني من شِعْرِي. فأنشدته:

إذا كانت الأحرارُ أصلي ومنصبي ... ورافع ضَيْمِي حازمٌ وابنُ حازمِ

عَطَسْتُ بأنْفٍ شامِخٍ وتناوَلَت ... يداي السّماءَ قاعدًا غيرَ قائِم

فجعل يستحسن ذلك، ويقول لأبي: إنّك لا تدري ما يقول هذا الغلام [٩] .


[١] في الأغاني، والتهذيب: «فأكرمت» .
[٢] في الأغاني: «خيرا» .
[٣] تحرّفت في تهذيب تاريخ دمشق إلى «ينبل» ، وهي في البخلاء للخطيب «ينيل» .
[٤] في الأغاني: «فعالي فعال المكثرين تجمّلا» .
[٥] الأغاني: ٥/ ٣٢٢، البخلاء للخطيب ٥٨، ٥٩، تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ٤٢٣.
[٦] الأغاني، البخلاء. التهذيب.
[٧] تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ٤٢٩.
[٨] تهذيب تاريخ دمشق ٢/ ٤٢٩.
[٩] تاريخ بغداد ٦/ ٣٤١.