للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يونس، عَنِ ابن إسحاق، قدِم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علينا معه رايته [١] وابتَدَرَ النّاس.

وقال موسى بن عقبة [٢] . وخرج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أثر جبريل، فمرّ عَلَى مجلس بني غنم وهم ينتظرون رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألهم: مَرَّ عليكم فارس آنفًا؟ فقالوا: مرّ علينا دحية عَلَى فرسٍ أبيض تحته نمطٌ أو قطيفة من ديباج عليه اللأّمة. قَالَ: ذاك جبريل. وكأن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشبّه دِحيةَ بجبريل [٣] . قَالَ: ولما رأى عليّ بن أبي طالب [رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [٤] مُقْبِلا تلقّاه. وقال: ارجع يَا رَسُولَ اللَّهِ، فإنّ الله كافيك اليهود. وكان عليّ سَمِعَ منهم قولًا سبيبيّ [٥] لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأزواجه. فكره عليّ أن يسمع ذَلِكَ، فقال: لِمَ تأمرني بالرجوع؟ فكتمه ما سَمِعَ منهم. فقال: أظنّك سَمِعْتُ لي [٦] منهم أذى؟ فامضِ فإنّ أعداء الله لو قد رأوني لم يقولوا شيئًا ممّا سَمِعْتُ.

فلما نَزَلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحصنهم، وكانوا في أعلاه، نادى بأعلى صوته نفرًا من أشرافها حتى أسمعهم فقال: أجيبونا يا معشر يهود يا أخوة القِرَدَة، لقد نزل بكم خِزْي الله. فحاصرهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكتائب المسلمين بضع عشرة ليلة، وردّ الله حُيَيّ بنَ أخطب حتى دخل حصنَهُم، وقذف الله في قلوبهم الرُّعب، واشتدّ عليهم الحصار، فصرخوا بأبي لُبابة بن عبد المنذر وكانوا حلفاء الأنصار. فقال: لا آتيهم حتى يأذن لِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ:


[١] العبارة عند ابن كثير «وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بن أبي طالب ومعه رايته وابتدارها الناس» .
[٢] المغازي لعروة ١٨٦- ١٨٧.
[٣] البداية والنهاية ٤/ ١١٩.
[٤] إضافة من المغازي لعروة ١٨٦ والبداية والنهاية.
[٥] سبيبي: (وزن خليفي) السبّ أو أكثر منه. وفي البداية والنهاية «سيئا» وكذلك في المغازي لعروة.
[٦] في البداية والنهاية «في» .