للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَثَنٌ يُعْبَدُ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، فَابْتَغُوا لأَنْفُسِكُمْ، فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَ وَيَسِيرُونَ فِي الأَرْضِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمِلَلِ كُلِّهَا، يَتَّبِعُونَ الْحَنِيفِيَّةَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ، فَأَمَّا وَرَقَةُ فَتَنَصَّرَ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ أَعْدَلَ شَأْنًا مِنْ زَيْدِ ابْنِ عَمْرٍو، اعْتَزَلَ الْأَوْثَانَ وَفَارَقَ الأَدْيَانَ إِلَّا دِينَ إِبْرَاهِيمَ [١] .

وَقَالَ الْبَاغَنْدِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ [٢] عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ دَوْحَتَيْنِ» . وَقَالَ البكّائيّ، عن ابن إِسْحَاقَ [٣] : حَدَّثَنِي هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: «لَقَدْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ شَيْخًا كَبِيرًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا أَصْبَحَ مِنْكُمْ أَحَدٌ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهمّ لَوْ أَعْلَمُ أَيَّ الْوُجُوهِ أَحَبُّ إِلَيْكَ عَبَدْتُكَ بِهِ، ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى رَاحِلَتِهِ» .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [٤] : فَقَالَ زَيْدٌ فِي فِرَاقِ دِينِ قَوْمِهِ:

أَرَبًّا وَاحِدًا أَمْ أَلْفَ رَبٍّ ... أَدِينُ إِذَا تُقُسِّمَتِ الْأُمُورُ

عَزَلْتُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى جَمِيعًا ... كذلك يفعل الجلد الصّبور [٥]

في أبيات [٦] .


[١] انظر السير والمغازي ١١٦ وسيرة ابن هشام ١/ ٢٥٥.
[٢] في (ع) : «معاوية» بدلا من «أبو معاوية» ، والتصحيح من تهذيب التهذيب ٩/ ١٣٧.
[٣] سيرة ابن هشام ١/ ٢٥٥ وانظر السير والمغازي ١١٦.
[٤] سيرة ابن هشام ١/ ٢٥٦، ٢٥٧.
[٥] سيرة ابن هشام ١/ ٢٥٧، السير والمغازي ١١٧.
[٦] انظر الاختلاف وبقية الأبيات في: نسب قريش ٣٦٤، ٣٦٥، جمهرة نسب قريش وأخبارها ٤١٦، الأصنام للكلبي ٢١، ٢٢، الأغاني ٣/ ١٢٤، ١٢٥، تهذيب تاريخ دمشق ٦/ ٣٥، البداية والنهاية ٢/ ٢٤٢، بلوغ الأرب للآلوسي ٢/ ٢٢٠.