للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقِيلَ لَهَا: أَتَقُولِينَ الشِّعْرَ عَلَى سَعْدٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعُوهَا فَغَيْرُهَا مِنَ الشُّعَرَاءِ أَكْذَبُ. وقال عبد الرحمن بن الغسيل، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَه عَنْ محمود ابن لبيد قَالَ: لما أُصيب أَكْحَلُ سعدٍ حولوه عند امرأةٍ يقال لَهَا رُفَيْده، وكانت تداوي الجَرْحَى، قَالَ: وكان النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا مرّ به يَقْولُ: كيف أصبحت؟

وإذا أمسى قَالَ: كيف أمسيتَ؟ فتخبره، فذكر القصّة. وقال: فأسرع النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشي إلى سعد، فشكا ذَلِكَ إليه أصحَابه، فقال: إنّي أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسّلت حنظلة. فانتهى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى البيت وهو يغسّل، وأمّه تبكيه وتقول:

وَيْلُ أمّ سعدٍ سعدا ... حَزَامَةً وجِدّا

فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كلّ نائحة تكذب إلّا أمّ سعد. ثُمَّ خرج به فقالوا: ما حَمَلْنا ميتًا أخفَّ منه. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يمنعه [١] أن يَخِفّ عليكم وقد هبط من الملائكة كذا، وكذا لم يهبطوا قطّ، قد حملوه معكم [٢] . وقال شُعبة: أخبرني سِماك بن حرب، سَمِعْتُ عبد الله بنَ شدّاد يَقْولُ: دَخَلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سعد بن مُعاذ وَهوَ يكيد [٣] بنفسه فقال:

جزاك الله خيرًا من سيّد قومٍ، فقد أنجزت الله ما وعدْتَه وليُنْجزنَّك الله ما وَعَدَكَ [٤] . وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بلغني أنّه


[١] في ع وطبقات ابن سعد ٣/ ٤٢٨: ما يمنعكم. والتصحيح من سير أعلام النبلاء (١/ ٢٨٧) .
[٢] الطبقات الكبرى ٣/ ٤٢٨، سير أعلام النبلاء ١/ ٢٨٧.
[٣] يكيد بنفسه: يجود بها.
[٤] الطبقات الكبرى ٣/ ٤٢٩.