للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البصر فوقع من الدرجة، فوثئت يده وثأ [١] شديدًا وحملناه حتى نأتي مَنْهَرًا [٢] من عيونهم فندخل فِيهِ. فأوقدوا النّيران واشتدّوا فِي كلّ وجه يطلبوننا [٣] ، حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه. فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أنّه هلك؟

فقال رَجُل منّا: أَنَا أذهب فأنظر لكم. فانطلق حتى دخل فِي النّاس. قَالَ:

فوجدتُها وفي يدها المصباح وحوله رجال وهي تنظر فِي وجهه وتحدّثهم وتقول: أما والله لقد سَمِعْتُ صوت ابن عَتيك ثُمَّ أكذبت نفسي فقلت: أنّي ابن عَتيك بهذه البلاد؟ ثُمَّ أقبَلَتْ عَلَيْهِ تنظر فِي وجهه، ثُمَّ قَالَتْ: فاظ [٤] ، وإله يهود. فما سَمِعْتُ من كلمة كانت ألذّ إليّ منها. قَالَ: ثُمَّ جاء فأخبرنا بالخبر، فاحتملنا صاحبَنا فقدِمْنا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرناه واختلفنا فِي قتله، فكلّنا يدّعيه. فقال: هاتوا أسيافكم. فجئناه بِهَا، فقال لسيف عَبْد الله بْن أنيس: هذا قَتَلَه، أرى فِيهِ أثر الطّعام والشراب. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ نَائِمٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [٥] .

وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أبي رَافِعٍ رِجَالا مِنَ الأَنْصَارِ، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِيَ ابْنَ عَتِيكٍ. وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعِينُ عَلَيْهِ. وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ. فَلَمَّا دَنَوْا وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ النَّاسُ بسرحهم، قال عبد الله لأصحابه:


[١] الوثء: وصم يصيب اللّحم ولا يبلغ العظم، أو هو توجّع في العظم بلا كسر. ويقال في الدعاء: اللَّهمّ ثأ يده. (تاج العروس ١/ ٤٨١) .
[٢] المنهر: شقّ في الحصن نافذ يجري منه الماء. (تاج العروس ١٤/ ٣١٦) .
[٣] في الأصل «يطلبون» والتصحيح من البداية والنهاية لابن كثير ٤/ ١٣٨.
[٤] في الأصل: فاض. وأثبتنا رواية ع وسيرة ابن هشام ٣/ ٢٩٦، وكلاهما بمعنى مات.
[٥] صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق (٥/ ٢٦) .