للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله عَلَيْهِ ما أصابوا، حتى إنّ الرجل ليأتي بالشّنَّة، والرجل بالإِداوة [١] وبالجبل. ثُمَّ خرج حتى قدِم مكة، فأدّى إلى النّاس بضائعهم. حتى إذا فرغ قَالَ: يا معشر قريش، هَلْ بقي لأحدٍ منكم معي مال؟ قَالُوا: لا فجزاك الله خيرًا. فَقَالَ أما والله ما معنى أن أسلم قبل أن أقدِم عليكم إلّا تخوُّفًا أن تظنُّوا أَنّي إنّما أسلمت لأذهب بأموالكم. فإنّي أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله [٢] . وأما موسى بْن عُقْبة فذكر أنّ أموال أَبِي العاص إنّما أخذها أَبُو بَصير فِي الهدنة بعد هذا التاريخ.

وقال ابن نُمَيْر [٣] ، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قَالَ قدِم أَبُو العاص من الشّام ومعه أموال المشركين. وقد أسلمت امرأته زينب وهاجَرَت. فقيل لَهُ: هَلْ لك أن تُسْلم وتأخذ هذه الأموال التي معك؟

فقال: بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي. وكفلت عَنْهُ امرأته أن يرجع فيؤديّ إلى كلّ ذي حقٍ حقَّه، فيرجع ويُسْلم. ففعل. وما فرَّق بينهما، يعني النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [٤] .

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ أَنْ خُذِي لِي أَمَانًا مِنْ أَبِيكِ. فَأَطْلَعَتْ رأسها من باب


[١] الشنّة: القربة لخلقة الصغيرة. والإداوة: إناء صغير من جلد يتّخذ للماء.
[٢] سيرة ابن هشام ٣/ ٦٩، ٦٠، نهاية الأرب ١٧/ ٦٠.
[٣] في الأصل: أبو نمير. والتصحيح من ع ومن ترجمته في تهذيب التهذيب (٩/ ٢٨٢) .
[٤] ومن هذا الوجه عند أبي داود (٢٢٤٠) في الطلاق باب: إلى متى تردّ عليه امرأته إذا أسلم بعدها، والترمذي (١١٤٣) في النكاح، باب ما جاء في الزوجين المشركين يسلم أحدهما.
وروى ابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ ٧٠، ٧١ رقم ١٢ من طريق ابن عباس: «ردّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم زينب ابنته على أبي العاص ابن الربيع على النكاح الأول بعد ست سنين» .