للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسار فِي غَطَفان وغيرهم يجمعهم لحرب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فوجَّه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ رَوَاحة في ثلاثة سرّا، فسأل عن خبره وغرّته فأخبره بذلك. فقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره. فندب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثين رجلًا، فبعث عليهم ابن رَوَاحة. فقدموا عَلَى أُسَيْر فقالوا: نَحْنُ آمنون نعرض عليك ما جئنا لَهُ؟

قَالَ: نعم، ولي منكم مثل ذَلِكَ. فقالوا: نعم. فقالوا: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنَا إليك لتخرج إِلَيْهِ فيستعملُك عَلَى خيبر ويُحسن إليك. فطمع فِي ذَلِكَ فخرج، وخرج معه ثلاثون من اليهود، مَعَ كلّ رجلٍ رديفٍ من المسلمين.

حتى إذا كانوا بقَرْقَرَة ثِبار [١] ندم أُسَيْر فقال عَبْد الله بْن أنيسَ- وكان فِي السَرِيَّةٌ-: وأهوى بيده إلى سيفي ففطِنْتُ لَهُ ودفعت بعِيري وقلت: غدرًا، أي عدوّ الله. فعل ذَلِكَ مرّتين. فنزلت فسقت بالقوم حتى انفردت إلى أُسَيْر فضربته بالسيف فأندرتُ [٢] عامة فخذه، فسقط وبيده مخرش [٣] فضربني فشجّني مأمومة [٤] ، ومِلنا عَلَى أصحابه فقتلناهم، وهرب منهم رَجُل. فقدِمْنا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: لقد نجّاكم الله من القوم الظّالمين [٥] .


[٢] / ٥٦٦ وإمتاع الأسماع للمقريزي: أسير بن زارم. وفي طبقات ابن سعد ٢/ ٩٢ «زارم» ، وفي تاريخ الطبري ٣/ ١٥٥ «تيسير بن رزام» .
[١] كتبت في الأصل بغير إعجام وفي ع: تيار. والتصحيح من معجم البلدان ووفاء ألوفا في (ثبار) ، وهو موضع على ستة أميال من خيبر. وانظر الطبقات الكبرى ٢/ ٩٢.
[٢] ندر الشيء: سقط، وأندرته: أسقطته.
[٣] المخرش: المحجن وهو عصا معوجّة الرأس.
[٤] الشجّة المأمومة: التي بلغت أمّ الرأس وهي الجلدة التي تجمع الدماغ.
[٥] الطبقات الكبرى ٢/ ٩٢، وانظر تاريخ الطبري ٣/ ١٥٥، وعيون الأثر ٢/ ١١١، وسيرة ابن هشام ٣/ ٢٣٧.