للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَصَابَهُمْ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ [١] فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، فَجَعَلَ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ الْعُيُونُ، فَشَرِبْنَا وَوَسِعَنَا وَكَفَانَا [٢] ، وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُصَيْنٍ [٣] .

وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ قَالَ: قال جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ: غَزَوْنَا أَوْ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ فِي الْقَوْمِ مِنْ طَهُورٍ؟

فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْعَى بِإِدَاوَةٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ مَاءٌ غَيْرُهُ، فَصَبَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَدَحٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَتَرَكَ الْقَدَحَ. قَالَ: فَرَكِبَ النَّاسُ ذَلِكَ الْقَدَح وَقَالُوا: تَمَسَّحُوا تَمَسَّحُوا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكْمُ» ، حِينَ سَمِعَهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ. قَالَ: فَوَضَعَ كَفَّهُ فِي الْمَاءِ وَالْقَدَحِ وَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ» . ثُمَّ قَالَ: «أسبغوا الوضوء» . فو الّذي ابتلاني ببصري لقد رأيت العيون [٦١ ب] عُيُونَ الْمَاءِ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَرْفَعْهَا حَتَّى تَوَضَّئُوا أَجْمَعُونَ. رَوَاهُ مُسَدَّدٌ عَنْهُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيُّ، ثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة، فَأَصَابَنَا جَهْدٌ، حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا. فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا [٤] فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا [٥] ، فَاجْتَمَعَ زاد القوم على النّطع. فتطاولت لأحرزكم هو؟ فحزرته كربضة العنز [٦] ونحن


[١] التور: إناء تشرب فيه العرب (لسان العرب- مادة تور) .
[٢] في طبقات ابن سعد ٢/ ٩٨ زيادة «قال: قلت كم كنتم؟ قال:» .
[٣] صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الحديبة ٥/ ٦٣ وانظر الطبقات الكبرى ٢/ ٩٨.
[٤] المزاود: جمع مزود وهو الوعاء الّذي يجعل فيه الزاد.
[٥] النّطع: البساط أو السّفرة من الأديم.
[٦] ربضة العنز (بفتح الراء وكسرها) : أي قدر جسمها إذا ربضت.