القِبْلة فكفَّرتموه.
فقيل: قد كان ما أُنْهِيَ إلى الأمير.
فقال عبد الله: شراك نِعل عُمَر بْن الخَطَّاب خير منك، وكان يرفع رأسه إلى السَّمَاء، وقد بَلَغَني أنَّكَ لا ترفع رأسك إلى السَّمَاء.
فقلت برأسي هكذا إلى السَّمَاء ساعةً، ثُمَّ قلت: ولِمَ لا أرفع رأسي إلى السّماء؟ وهل أرجو الخير إلا بمن فِي السَّمَاء؟ ولكنّي سَمِعْتُ المؤمل بْن إسماعيل يقول: سَمِعْتُ سُفْيَان الثُّوريّ يقول: النظر فِي وجوهكم معصية.
فقال بيده هكذا يحبسني، فأقمنا وكنّا أربعة عشر [شيخا] [١] ، فحُبِست أربعة عشر شهرا، ما اطّلع اللَّه على قلبي أني أردت الخلاص من ذلك الحبْس.
قلت: اللَّه حبسني وهو مطلقي وليس لي إلى المخلوقين من حاجة.
فأُخرِجت وأُدخِلت عليه، وفي رأسي عمامة كبيرة طويلة.
فقال لي: ما تقول فِي السّجود على كَوْر العمامة.
قُلْتُ: نا خَلادُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُحَرَّرِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ.
فقال: هذا إسناد ضعيف.
فقلت: يُستعمل هذا حَتَّى يجيء أقوى منه.
ثُمَّ قلت: وعندي أقوى منه: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفَضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا. هَذَا الدَّلِيلُ عَلَى السُّجُودِ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ.
فقال: ورد كتاب أمير المؤمنين يَنْهَى عن الْجَدَل والخصومات، فتقدّم إلى أصحابك أنْ لا يعودوا.
فقلت: نعم. ثُمَّ خرجت من عنده.
[١] في الأصل بياض، والإستدراك من: سير أعلام النبلاء ١٢/ ٢٠٢.