للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ بالراية يُهَرْوِلُ وأنا خلفه حتى ركّزها فِي رضْمٍ [١] من حجارة تحت الحصْن. فاطلع إليه يهوديّ من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قَالَ: أَنَا عليّ بْن أَبِي طَالِب (قَالَ) [٢] : غلبتم وما أُنْزل عَلَى موسى. فما رجع حتى فتح الله عَلَيْهِ [٣] . وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُسَيِّبُ بْنِ مسلم الأزدي، حدّثنا عبد الله ابن بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ [٤] فَيَلْبَثُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَخْرُجُ، وَلَمَّا نَزَلَ خَيْبَرَ أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخَذَ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَهَضَ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ رَجَعَ. فَأَخَذَهَا عُمَرُ فَقَاتَلَ قِتَالًا هُوَ أَشَدُّ قِتَالًا مِنَ الْقِتَالِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَأُعْطِيَنَّهَا غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَأْخُذُهَا عَنْوَةً، وَلَيْسَ ثَمَّ عَلِيٌّ. فَتَطَاوَلَتْ لَهَا قُرَيْشٌ، وَرَجَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ ذَلِكَ. فَأَصْبَحَ وَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَى بَعِيرٍ حَتَّى أَنَاخَ قَرِيبًا، وَهُوَ أَرْمَدُ قَدْ عَصَبَ عَيْنَهُ بِشِقِّ بُرْدٍ قَطَرِيٍّ [٥] . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«مالك» ؟ قَالَ: رَمَدَتْ بَعْدَكَ، قَالَ: «ادْنُ مِنِّي» ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ، فَمَا وَجَعَهَا (حَتَّى) [٦] مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَنَهَضَ بِهَا، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ


[١] رضم ورضام: حجارة أو صخور بعضها على بعض، هي دون الهضبة. (النهاية في غريب الحديث ٢/ ٢٣١) .
[٢] زيادة يقتضيها السياق، إذ القول على لسان اليهودي. كما جاء في سيرة ابن هشام ٤/ ٤٢ «علوتم» .
[٣] مناقب أمير المؤمنين علي للواسطي ١٣٢ رقم ٢١٧.
[٤] الشقيقة: صداع يأخذ في نصف الرأس والوجه.
[٥] القطر والقطرية: ضرب من البرود يكون من غليظ القطن، أو خمر لها أعلام فيها بعض الخشونة.
[٦] سقطت من الأصل، وأثبتناها من ع.