للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خُضْرَةً، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟

قَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَلَطَمَنِي وَقَالَ: تَمَنِّينَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ، قَتَلَ أَبِي وَزَوْجِي. فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ وَيَقُولُ: إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ الْعَرَبَ عَلَيَّ وَفَعَلَ وَفَعَلَ، حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرِ كُلِّ عَامٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ [مِنْ خَيْبَرَ] [١] . فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُمَرَ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْقَوُا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، ففدعوا [٢] يديه، فقال عمر: من كان لهم سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَحْضُرْ، حَتَّى قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ. وَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لا تُخْرِجْنَا، دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرٍ. فَقَالَ لَهُ: أَتُرَاهُ سَقَطَ عَنِّي [٣] قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ بِكَ إِذَا وَقِصَتْ [٤] بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا. وَقَسَّمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ.

اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ [٥] . وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْمَرَّارُ بْنُ حَمَّوَيْهِ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: لما فُدِعْتُ بِخَيْبَرَ قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ يَهُودَ خيَبْرَ عَلَى أَمْوَالِهَا، وَقَالَ: نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ، وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ مَالُهُ هُنَاكَ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ من


[١] إضافة من فتوح البلدان ١/ ٢٧ وانظر سنن أبي داود (٣٠٠٧) كتاب الخراج والإمارة والفيء.
[٢] الفدع: اعوجاج الرسغ من اليد أو الرجل، أو زيغ بين القدم وعظم السّاق.
[٣] عند ابن كثير ٤/ ٢٠٠ «عليّ» .
[٤] في طبعة القدسي ٣٩٢ «وفضت» ، والصحيح ما أثبتناه، ووقص بمعنى كسر، وهنا بمعنى اتجهت.
[٥] صحيح البخاري: كتاب الشروط، باب إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك.
(٣/ ١٧٧، ١٧٨) ورواه أبو داود مختصرا من حديث حمّاد ابن سلمة. وقال ابن كثير: ولم أره في الأطراف. (البداية والنهاية ٤/ ١٩٩، ٢٠٠) وانظر فتوح البلدان ١/ ٢٥، ٢٧.