للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانٌ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمُ، أَحَدُهُمَا أَبُو رُهْمٍ، وَالآخَرُ أَبُو بُرْدَةَ، إِمَّا قَالَ:

بِضعٌ، وَإِمَّا قال: في ثلاثة، أو اثنين وخمسين رجلا من قومي. فركبنا سفينة، فألقتنا سَفِينَتَنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ. فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ. فَقَالَ جَعْفَرٌ. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثنا وَأَمَرَنَا، يَعْنِي بِالإِقَامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنَا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَتَحَ خَيْبَرَ. فَأَسْهَمَ لَنَا، وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ شَيْئًا إِلا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا، مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ.

قَالَ: فَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ.

قَالَ: وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا، عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَةً [٧٢ أ] وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ. فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ:

أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ: آلْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ آلْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، نَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَتْ، فَقَالَتْ كَلِمَةً: [كَذَبْتَ] [١] يَا عُمَرُ! كَلا وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ- أَوْ أَرْضِ- الْبُعَدَاءِ، أَوِ الْبُغَضَاءِ، بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَفِي رَسُولِهِ. وَايْمُ اللَّهِ لا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنَخَافُ وَسَأَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ وَأَسْأَلُهُ. فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: «لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، لَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ- أَهْلَ السَّفِينَةِ- هِجْرَتَانِ» . قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالا، يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ. مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ به


[١] سقطت من الأصل، ع: وزدناها من صحيح مسلم.