للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: فَأَرْسَلَ الْعَبَّاسُ غُلامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ، أَنْ: وَيْلَكَ، مَا جِئْتَ بِهِ وَمَا تَقُولُ؟ وَالَّذِي وَعَدَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ الْحَجَّاجُ: يَا غُلامُ، أَقْرِئْ أَبَا الْفَضْلِ السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ فَلْيُخْلِ لِي فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ فَآتِيهِ، فَإِنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الْعَبْدُ بَابَ الدَّارِ، قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا الْفَضْلِ. فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا حَتَّى قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ بِافْتِتَاحِ رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وَغَنْمِ أَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصطفى صفيّة، ولكن جئت لمالي، وأنّي استأذنت [٧٤ أ] النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأذن لي، فأخف عَلَيَّ يَا أَبَا الْفَضْلِ ثَلاثًا، ثُمَّ اذْكُرْ مَا شِئْتَ. قَالَ: وَجَمَعَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَتَاعَهُ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاثٍ، أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ قَالَتْ: ذَهَبَ، لا يُحْزِنُكَ اللَّهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ. فَقَالَ: أجل، لا يحزنني اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلا مَا أُحِبُّ، فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَجَرَتْ سِهَامُ اللَّهِ فِي خَيْبَرَ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لك في زوجك حاجة فَالْحَقِي بِهِ. قَالَتْ:

أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا. ثُمَّ أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ وَحَدَّثَهُمْ. فَرَدَّ اللَّهُ مَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ كَآبَةٍ وَجَزَعٍ عَلَى الْمُشْرِكِينَ [١] .


[١] الحديث بكاملة في المعرفة والتاريخ ١/ ٥٠٧- ٥٠٩ ورواه أحمد في مسندة ٣/ ١٣٨، وأبو يعلى، والبزار ١٦٥، ١٦٦، وعبد الرزاق في المصنف ١٩٧٧١، وسيرة ابن هشام ٤/ ٤٦، ٤٧ وتاريخ الطبري ٣/ ١٧- ١٩، والطبقات الكبرى لابن سعد ٤/ ١٧، ١٨، والمعجم الكبير للطبراني ٣/ ٢٤٧- ٢٤٩ رقم ٣١٩٦، وتاريخ اليعقوبي ٢/ ٥٧، ونهاية الأرب للنويري ١٧/ ٢٦٦- ٢٦٨، والبداية والنهاية ٤/ ٢١٥- ٢١٧ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٦/ ١٥٥:
ورجال أحمد رجال الصحيح.