للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى وَادِي الْقُرَى. وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ قَدْ وَهَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ. فَلَمَّا نَزَلْنَا بِوَادِي الْقُرَى، انْتَهَيْنَا إِلَى يَهُودَ وَقَدْ ثَوَى إِلَيْهَا نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ. فَبَيْنَمَا مِدْعَمٌ يحط رحل رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِ اسْتَقْبَلَنَا يَهُودُ بِالرَّمْيِ حَيْثُ نَزَلْنَا. وَلَمْ نَكُنْ عَلَى تَعْبِئَةٍ، وَهُمْ يَصِيحُونَ فِي طَلَبِهِمْ، فَيُقْبِلُ سَهْمٌ عَائِرٌ، فَأَصَابَ مِدْعَمًا فَقَتَلَهُ. فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كلا، والذي نفسي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نَارًا» . فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ النَّاسُ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: «شِراكٌ، أَوْ شِرَاكَانِ، مِنْ نَارٍ» فَعَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَصَفَّهُمْ، وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَدَفَعَ رَايَةً إِلَى الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَرَايَةً إِلَى سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ، وَرَايَةً إِلَى عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا [٧٤ ب] أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَحَقَنُوا دِمَاءَهُمْ، فَبَرَزَ رَجُلٌ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ [عَلِيٌّ] [١] فَقَتَلَهُ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ، حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا [٢] ثُمَّ أُعْطُوا مِنَ الْغَدِ بِأَيْدِيهِمْ.

وَفَتَحَهَا اللَّهُ عَنْوَةً [٣] .

وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِي الْقُرَى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ تَيْمَاءَ صَالَحُوا عَلَى الْجِزْيَةِ. فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، أَخْرَجَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَهْلَ تَيْمَاءَ وَوَادِي الْقُرَى لأَنَّهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي أَرْضِ الشَّامِ، وَيَرَى أَنَّ مَا دُونَ وَادِي الْقُرَى إِلَى الْمَدِينَةِ حجاز، وما وراء ذلك من الشام [٤] .


[١] سقطت من الأصل، واستدركناها من ع. ومن نهاية الأرب ١٧/ ٢٦٩.
[٢] وهكذا في دلائل النبوّة للبيهقي، وفي نهاية الأرب للنويري ١٧/ ٢٦٩ «اثنا عشر رجلا» .
[٣] انظر: تاريخ الطبري ٣/ ١٦، ونهاية الأرب ١٧/ ٢٦٨، ٢٦٩ وعيون الأثر ٢/ ١٤٤، والبداية والنهاية ٤/ ٢١٨.
[٤] انظر فتوح البلدان ١/ ٣٩ وعيون الأثر ٢/ ١٤٥ ونهاية الأرب ١٧/ ٢٦٩، ٢٧٠، والبداية والنهاية ٤/ ٢١٨.