للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقَالَ سَعِيد البَرْذَعيّ: كُنَّا عِنْدَ أبي زُرْعة فاختلف رجلان فِي أمر دَاوُد المُزَنيّ، والرجلان فَضْلَك الرّازيّ، وابن خِراش، فقال: ابنُ خِراش: دَاوُد كافر.

وقَالَ فَضْلَك: المُزَنيّ جاهل.

فَأَقْبَلَ عليهما أبو زُرْعة يوبِّخهما وقَالَ: ما واحد منكما له بصاحب. ثُمَّ قَالَ: ترى دَاوُد هَذَا لو اقتصر عليه أَهْل العلم لظننت أنّه يحمد أَهْل البِدَع بما عنده من البيان والآلة [١] . ولكنّه تعدّى. لقد قدم علينا من نَيْسابور، فكتب إِلَيّ محمد بْن رافع، ومحمد بن يحيى، وعَمْرو بْن زُرَارة، وحسين بْن مَنْصُورٌ، ومشيخة نَيْسابور بما أحدث هناك، فكتمت ذلك لمّا خفت عواقبه، ولم أُبْدِ له شيئًا. فقدِم بغداد، وكان بينه وبين صالح بْن أَحْمَد بْن حنبل حُسْن، فكلّم صالحًا أن يتلطّف له فِي الاستئذان على أَبِيهِ، فأتى وقَالَ: سألني رَجُل أن يأتيك.

قَالَ: ما اسمه؟

قَالَ: دَاوُد.

قَالَ: ابنُ من؟

قَالَ: هُوَ من أَهْل إصبهان.

وكان صالح يروغ عن تعريفه، فَمَا زال أَبُوهُ يفحص حَتَّى فطِن به فقال:

هَذَا كتب إليّ محمد بْن يحيى فِي أمره أنّه زعم أنّ القرآن مُحْدَث، فلا يقرَبنيّ.

قَالَ: إنّه ينفي هَذَا ويُنْكره.

قَالَ: محمد بْن يحيى أصدق منه، لا تأذَنْ له [٢] .

قَالَ الخلّال: أنا الْحُسَيْن بْن عَبْد الله قَالَ: سَأَلت المرُّوذيّ عن قصّة دَاوُد الإصبهانيّ وما أنكر عليه أبو عبد الله فقال: كان دَاوُد خرج إِلَى خُراسان إِلَى ابنُ رَاهَوَيْه، فتكلم بكلامٍ شهِدَ عليه أبو نصر بْن عَبْد الحميد وآخر، شهدا عليه أنّه قَالَ: القرآن مُحْدَث.

فقال لي أبو عبد الله: مَن دَاوُد بْن عليّ لا فرّج عنه الله؟


[١] في طبقات الشافعية الكبرى: «الأدلة» .
[٢] تاريخ بغداد ٨/ ٣٧٣، ٣٧٤، والمنتظم ٥/ ٧٦، طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ٢٨٥، ٢٨٦.