الحرم، والحرم يحظر بعض ما يحظره الإحرام، فتبعت أضعف الحرمتين أقواهما.
وأما الحج والعمرة، لإحرمتهما في المحرمات سواء، بدلالة: أن كل شيء حظره أحدهما يحظره الآخر، فتساويا في حرمة النفس، ولا تدخل حرمة النفس في حرمة الأطراف.
٩٨٢٩ - ولأن حرمة النفس أعم، ويتعلق بها من الحرمة ما لا يتعلق بالأطراف.
٩٨٣٠ - قالوا: قد يحرم الحرم ما لا يحرمه الإحرام، وهو قطع الحشيش والشجر.
٩٨٣١ - قلنا: ذلك التحريم لحرمة الصيد؛ لأن الصيد يكره رعيه، وكذلك الحشيش علفه.
٩٨٣٢ - فإن قيل: حرمة الإحرام أضعف من حرمة الحرم؛ لأنه يزول بالتحلل وحرمة الحرم تتأبد.
٩٨٣٣ - قلنا: لا يمتنع أن يتأكد حرمة ما لا/يتأبد على ما يتأبد، بدلالة: أن حرمة دم الآدمي لا تتأبد؛ لأنه يستباح بالزنا والردة، ودية شجر الحرم متأبدة، ثم حرمة الآدمي آكد من حرمة الشجر.
٩٨٣٤ - فإن قيل: حرمة الحرم قد تمنع من صيد الحل، كما تمنع حرمة الإحرام، بدلالة: أن [كل] من كان في الحرم لا يجوز أن يرمي إلى صيد في الحل.
٩٨٣٥ - قلنا: صيد الحل غير ممنوع منه لأهل الحرم، بدلالة: أنهم يأمرون بقتله. وأما حرمة الحرم: فتعين فيه أن يرمي الصيد بكل حال؛ لجواز أن يلتجئ ذلك الصيد إلى الحرم فيصيبه السهم فيه، أو يصيبه السهم في الحال، فيتحامل ويدخل الحرم، فيحصل ابتداء الجناية وانتهاؤها في الحرم.