كأنه قال:(بعت منك وبعت منك نصفه)؛ لأن التثنية تدل على تكرار اللفظ؛ ألا ترى: أنه إذا قال: رأيت رجلين، كأنه قال: رأيت رجلاً ورأيت رجلاً.
١١٨٨٠ - قلنا: إذا قال: رأيت رجلين يحتمل أن يكون رآهما معاً، واحتمل أن يكون رأى أحدهما بعد الآخر.
١١٨٨١ - فإذا قال: بعت منكما احتمل: أن يكون أراد إيجاباً واحداً، واحتمل: أن يكون إيجابين، فلما ذكر الثمن جملة دل على أنه أراد إيجاباً واحداً، وأنه لو أراد تفريق الإيجاب لعرف الثمن.
١١٨٨٢ - قالوا: الدليل على أن هذا العقد في حكم عقدين أن يصح ثمن الصفقة إذا كان معلوماً، وإن كان ما قابل كل واحد بما اشتملت عليه مجهولاً؛ بدلالة: أنه لو باع عشرة أعبد بألف صح؛ لأن الألف معلومة، وإن كانت حصى كل عبد مجهولة. ولو قال لاثنين: بعتكما هذين العبدين، هذا لك وهذا لك بألف لم يصح، فلو كانت الصفقة واحدة لا يمنع أن يصح وجهاً له بعض ثمن ما دخل في الصفقة.
١١٨٨٣ - قلنا: هذا يجوز عندنا، وقد قال أصحابنا: لو كان لكل واحد عبد فباعاهما من رجل واحد صفقة واحدة بألف جاز، وإن كان ثمن كل عبد مجهولاً؛ لأنه بعض ما دخل في الصفقة، كذلك إذا كان البائع واحداً.
١١٨٨٤ - فإن قيل: ما أوجب له فوجب أن يصح، كما لو أفرد النصف بالإيجاب.
١١٨٨٥ - قلنا: قبل ما وجب له على غير الشرط الذي أوجب له؛ لأنه إذا أوجب البيع جملة بجملة ثمن وله غرض صحيح من أن يخرج المبيع من ملكه جملة، والبيع يؤثر فيه الشروط صار كأنه شرط في الإيجاب قبول الآخر، وقبوله ما أوجب له على غير الشرط الذي تناوله الإيجاب لا يصح، مثل: أن يقبل ببعض الثمن أو يصير على صفة غير الصفة الموجبة.