للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأن الشيطان يوقع العداوة والبغضاء في المعاملات أكثر مما يوقع في القمار، وكان يجب أن يحرم علينا لهذه العلة.

ولأن العداوة والصد عن ذكر الله إنما يقع بالسكر، وليس يمتنع أن يحرم كثير الخمر لهذه العلة ويتعدى إلى كثير النبيذ، ويكون القليل محرمًا بغيرها؛ لأنها توجد فيه.

٢٩٥٥٩ - قالوا: وجدنا العصير حلالاً، فإذا حدثت الشدة حرم، فإذا زالت وصارت خلا حل؛ فدل على أن الحكم يعلق بما وجد بوجود التحريم، وارتفع بزواله.

٢٩٥٦٠ - قلنا: وجدنا الشدة إذا طرأت نجست، وإذا تخللت زالت النجاسة، فلما وجب أن يتعلق التحريم بالشدة ولا يتعلق بالنجاسة.

ولأن كل واحد من هذين يحدث الحكم بحدوثه ويرتفع بارتفاعه. ويجوز أن يقال: إن الشدة إذا حدثت، وجد معنى اقتضى تسميتها خمرًا، فإذا تخللت زال ذلك المعنى، فلم يكن تعلقه بالشدة أولى من تعلقه بالمعنى المقتضى بالتسمية.

٢٩٥٦١ - فإن قيل: العلة المتعدية أولى.

٢٩٥٦٢ - قلنا: هذا ليس بصحيح على أصولكم، وقد عللتم تحريم التفاضل في الأثمان بكونها أثمانًا، وعدلتم عن العلة المتعدية.

٢٩٥٦٣ - فأما على قولنا، فلا تكون الشدة المطربة علة لتحريم القليل وهي غير موجودة فيه، كما أن العلة في تحريم كثير السقمونيا لما كان الضرر وهو لا يوجد في القليل لم يحرم.

٢٩٥٦٤ - فإن قيل: شرب قليل السقمونيا لا يدعو إلى كثيره، وشرب قليل الخمر يدعو إلى كثيره.

٢٩٥٦٥ - قلنا: الطعام الذي يضر كثيره لا يحرم قليله، وإن كان أكل القليل يدعو إلى الكثير، وليس كل ما يدعو إلى التحريم محرم، ألا ترى أن القبلة واللمس في الحائض يدعو إلى وطئها وليس بمحرم.

٢٩٥٦٦ - فإن قيل: وجدت الشدة في نقيع الزبيب والتمر والمنصف من العصير

<<  <  ج: ص:  >  >>