٣٠٢٥٥ - قلنا: قد اختلفوا أهل التفسير في هذا، فمنهم من قال: المراد به أهل مكة؛ مرتب على قوله:{هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام}.
وهذا قول قتادة. وقال ابن السائب: وهذا راجع إلى أسد وغطفان حلفاء أهل خيبر؛ لأن قوله تعالى:{سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا}. وإنا أراد به أعراب المدينة، لأنهم تخلفوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية ولم يكونوا قاتلوا مع أهل خيبر، فرجع هذا الكلام إليهم، فإن كان كذلك فلا حجة فيه.
٣٠٢٥٦ - وإن كان المراد أهل مكة فقد قاتوله وولوا الأدبار وفارق قادتهم الأوطان وأسلموا الأهل والأموال، ولم يجدوا من ينصرهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صفح عنهم ومن عليهم بعد القهر والذل، فقد سقط الاحتجاج بالآية.
٣٠٢٥٧ - احتجوا: بقوله تعالى: {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبًا من دارهم حتى يأتي وعد الله}. قالوا: فأخبر الله تعالى أن القوارع وقد حل بمر الظهران فل أن الصلح وقع وزالت القوارع.
٣٠٢٥٨ - والجواب: أن سعيد بن جبير وابن السائب وغيرهما قالوا في تأويلها: القارعة: السرية، فقال الله تعالى:{تصيبهم بما صنعوا قارعة} من السرايا، {أو تحل} أنت يا محمد مع أصحابك {قريبًا من دارهم حتى يأتي وعد الله} فتح مكة.
٣٠٢٥٩ - وما قالوه خطأ في العربية؛ لأن {أو} لو كانت غاية بمعنى (متى) لقال: أو تحل بنص تحل. فلما قال: أو تحل علم أنها للعطف، فكأنه قال: تصيبهم قارعة بالسرايا أو يحلوا لك. فيكون الفتح. وقال معمر عن الحسن: أو تحل القارعة قريبًا من دارهم.
٣٠٢٦٠ - احتجوا: بما روى عبد الله بن العباس عن أبيه قال: لما نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - بمر الظهران قال العباس - رضي الله عنه -: لئن دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه، إنه لهلاك قريش. فجلست على بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة