٣٣٢٩ - قالوا: ولأن الصحابة [- رضي الله عنهم -] قد اختلفوا في قوله تعالى: {لا تقربوا الصلاة} فقال ابن مسعود [المراد] المكان، وقال علي وابن عباس: المراد به: الصلاة، قالوا: وحمله على المكان أولى؛ لأنه قال:{لا تقربوا الصلاة} والقرب يكون في الأماكن دون الأفعال. ولأن حمله على الصلاة يقتضي أن يسمى المصلي عابر سبيل، وهذا لا يصح.
٣٣٣٠ - والجواب: أن حقيقة الصلاة عبارة عن الأفعال، وإنما يسمى المكان [الصلاة] مجازا، وحمل الاسم على الحقيقة أولى.
٣٣٣١ - ولأنه قال:{حتى تعلموا [ما تقولون]}، وصحة الصلاة تقف على القول، والمكان لا تعلق له بالقول.
٣٣٣٢ - وقد روي أن الآية نزلت في قوم سكروا فلم يحسنوا القراءة في الصلاة على الترتيب.
٣٣٣٣ - فأما قولهم: إن القرب يقتضي المكان، فليس بصحيح؛ لأنه يقال: قرب يقرب بضم الراء من المكان، ويقال: قرب يقرب بكسر الراء من التلبس بالفعل، والمذكور في الآية:{لا تقربوا}، فدل على أن المراد به ترك التلبس بالفعل.
٣٣٣٤ - فأما قولهم: إن المصلي لا يقال عابر سبيل، فإنه لا يقال للمجتاز عابر سبيل، إنما يقال ذلك للمسافر على الإطلاق.
٣٣٣٥ - قالوا: حمل الآية على ما تقولونه يقتضي إضمار التيمم.
٣٣٣٦ - قلنا: التيمم مذكور في آخر الآية: فلا نضمره. ولأنا لو أضمرناه