إليها، فكان أصل الفرض ما لا يفتقر إلى تلك الشرائط، كغسل الرجلين ومسح الخفين. ولأن كل وقت كان وقتا لصلاة معهودة في حق المريض كان وقتا لها في حق الصحيح الحر المقيم، أصله: سائر الأوقات. ولا يقال: إن بعد غروب الشمس يوم عرفة وقت للمغرب في سائر الأيام وليس بوقت لها في حق الحاج؛ لأنه وقت لها؛ بدلالة أنه لو نفر قبل الإمام فلحق المزدلفة مع بقاء الوقت جاز له فعلها.
٤٠٠٥ - وأما الدليل على الفصل الثاني: فهو أن كل وقت لو صلى فيه المريض الظهر جاز، فإذا صلى الصحيح جاز، أصله: بعد صلاة الإمام. ولأن كل من لو صلى الظهر بعد صلاة الإمام الجمعة جاز، إذا صلاها قبل فراغه جاز، أصله: المرأة.
٤٠٠٦ - احتجوا: بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا [إلى ذكر الله]}، وبحديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة).
٤٠٠٧ - والجواب: أن هذا يدل على وجوب الجمعة، وكذلك نقول به، والخلاف أنها واجبة فرضا للوقت أو واجبة يسقط بها الفرض، وليس في الظاهر دلالة على هذا.
٤٠٠٨ - قالوا: لأنها صلاة يأثم بترك أدائها، فوجب أن تكون واجبة في نفسها، كسائر الصلوات.
٤٠٠٩ - والجواب: أن كونها يأثم بتركها لا يدل على أنها فرض الوقت؛ ألا ترى أن من كان يصلي فرأى ماله يسرق، أو صبيا يغرق فإنه يأثم بترك تخليصه؟ ولأن سائر الصلوات لما لزمت بعد فوات الوقت دل على أنها فرض الوقت، ولما كان الواجب [في مسألتنا] عند فوات الجمعة الظهر دل على أنها فرض الوقت.