للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه الكِير مرَّةً، فأدخل يده وأخرج الحديدة من النّار، فغُشِي على غلامه، وترك أبو حَفْص الحانوت، وأقبل على أمره [١] .

وقِيلَ: إنّ أَبَا حَفْص دخل على مريضٍ، فقال المريض: آه.

فقال أبو حَفْص: مِمَّنْ؟ فسكت، فقال: مع من؟

قَالَ المريض: فكيف أقول؟

قَالَ: لا يكن أَنِينُك شَكْوى، ولا سُكوتك تجلُّدًا، ولْيكُنْ [٢] بين ذلك.

وعن أبي حَفْص قَالَ: حرست قلبي عشرين سنة، ثُمَّ حرسني عشرين سنة، ثُمَّ ورَدَ عليّ وعليه حالةٌ صِرْنا محروسين جميعًا [٣] .

قَيِل لأبي حَفْص: من الوَليّ؟

قَالَ: من أُيِّدَ بالكرامات، وغُيِّبَ عَنْهَا [٤] .

قَالَ الخُلْديّ: سمعت الْجُنَيْد ذكر أَبَا حَفْص قَالَ أبو نصر صاحب الحلّاج: نعم يا أَبَا القاسم، كانت له حال إذا لبسته مَكَثَ اليومين والثلاثة لا يمكن أحدٌ أنْ ينظر إليه. وكان أصحابه يخلّونه [٥] حَتَّى يزول ذلك عَنْهُ.

وبلغني أنّه أنْفَذَ فِي يومٍ واحدٍ بضعةَ عشر ألف دينار يشتري بها الأسرى من الدَّيْلم، فَلَمَّا أمسى لم يكن له ما يأكله [٦] .

ذكر المُرْتَعِشُ قَالَ: دخلنا مع أبي حَفْص على مريضٍ، فقال له: ما تشتهي؟

قَالَ: أن أبرأ.

فقال لأصحابه: احملوا عَنْهُ.

فقام المريض وخرج معنا، وأصبحنا كلّنا نُعادُ فِي الفِراش [٧] .

قَالَ السُّلَمّي فِي «تاريخ الصُّوفيّة» : أبو حَفْص من قرية كورداباذ [٨] على


[١] حلية الأولياء ١٠/ ٢٣٠.
[٢] في سير أعلام النبلاء ١٢/ ٥١١ «ولكن» ، ومثله في: صفة الصفوة ٤/ ١١٩.
[٣] طبقات الصوفية ١١٩ رقم ١٦، صفة الصفوة ٤/ ١٢٠.
[٤] طبقات الصوفية ١٢١ رقم ٢٥، صفة الصفوة ٤/ ١٢٠.
[٥] في سير أعلام النبلاء ١٢/ ٥١١ «يدعونه» .
[٦] سير أعلام النبلاء ١٢/ ٥١١.
[٧] الرسالة القشيرية ١٣٧، طبقات الأولياء ٢٥١ رقم ٩، نتائج الأفكار القدسية ١/ ١٢٧.
[٨] كورداباذ: بالضم وبعد الواو الساكنة راء، ودال وباء موحدة، وآخره ذال معجمة. (مراصد