للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب نيسابور، وكان حدّادًا. وهو أوّل من أظهر طريقة التصّوّف بنَيْسابور [١] .

قَالَ أبو محمد البلاذُريّ: اسمه عَمْرو بْن سَلْم، وكذا سمّاه أبو عُثْمَان الحِيرِيّ.

وذكر السُّلَميّ أنّه كان ينفخ عليه غلامٌ له الكِيَر، فأدخل أبو حَفْص يده فِي النّار وأخرج الحديد، فغُشِي على الغلام، فترك أبو حَفْص الصَّنْعة وأقبل على شأنه [٢] .

سمعت عَبْد الله بْن عليّ يقول: سمعت أَبَا عَمْرو بْن علْوان وسألته: هَلْ رَأَيْت أَبَا حَفْص عند الْجُنَيْد؟

قَالَ: كنتُ غائبًا، ولكنْ سمعت الْجُنَيْد يقول: أقام عندي أبو حَفْص سنة مع ثمانية أنْفُس، فكنت كلّ يومٍ أقدِّم لهم طعامًا طيبًا، وذكر أشياء من الثّياب، فَلَمَّا أراد أن يذهب [٣] كَسْوتُهُم.

فَلَمَّا أراد أن يفارقني قَالَ: لو جئت إِلَى نيْسابور علّمناك السّخاء والفُتُوَّة.

ثُمَّ قَالَ: عملك هَذَا كان فِيهِ تكلُّف. إذا جاءك الفقراء فكنْ معهم بلا تكلف، إنْ جُعْت جاعوا، وإن شبعتْ شَبِعُوا [٤] .

قَالَ الخُلْديّ: لمّا قَالَ أبو حَفْص للجُنَيْد: لو دخلت خُراسان علّمناك كيف الفُتُوة، قَالَ له البغداديّون: ما الَّذِي رَأَيْت منه؟

قَالَ: صيّر أصحابي مخنَّثين، كان يكلَّف لهم كل يومٍ ألوان الطعام وغير ذلك، وأما الفُتُوَّة تَرْكُ التّكلُّف [٥] .

وقِيلَ: كان فِي خدمة أبي حَفْص شابٌّ يلزم السُّكُوتَ، فسأله الْجُنَيْد عَنْهُ فقال: هَذَا أنفقَ علينا مائة ألف درهم، واستدان مائة ألف درهم، ما سألني مسألة إجلالًا لي [٦] .

وقَالَ أبو عليّ الثَّقفيّ: كان أبو حَفْص يقول: مَن لم يزِنْ أحواله كلّ وقت


[ () ] الاطلاع ٢/ ٥٢٠) .
[١] سير أعلام النبلاء ١٢/ ٥١١.
[٢] تقدّم هذا الخبر قبل قليل.
[٣] في سير أعلام النبلاء النبلاء ١٢/ ٥١٢ «فلما أرادوا أن يذهبوا كسوتهم» .
[٤] طبقات الأولياء ٢٥٠ رقم ٧، وزاد: «حتى يكون مقامهم وخروجهم عندك شيئا واحدا» .
[٥] سير أعلام النبلاء ١٢/ ٥١٢.
[٦] السير ١٢/ ٥١٢.