للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أَبُو الْعَبَّاس يداري سوء أخلاق أَبِيهِ، وكان يظهر طاعته والتذلل لَهُ، فكان يوجهه لمحاربة الأعادي، فبلغ من ذَلِكَ إلى أكثر من أمله، فبذلك كَانَ يفضله عَلَى إخوته. وولاه صقلية، فأفتتح بِهَا حصونا، وظهرت شجاعته. وَلَمَّا تملك لم يسكن فِي قصر أبيه، بل اشترى دارا سكنها، ورد مظالم كثيرة. فكانت أيامه أيام عدل وخير.

ومن شعره، وقد شرب دواء بصقلية:

شربت الدواء على غربة ... بعيدا عَن الأهل والمنزل

وكنت إذا، شربت الدّواء ... تطيّبت بالمسك والمندل

فقد صار شربي بحار الدماء ... ونقع العجاجة والقسطل [١]

واتصل بأبي الْعَبَّاس عَن ولده أبي مضر زيادة الله متولي صقلية اعتكافه عَلَى اللهو والخمر، فعزله، وقدم عَلَيْهِ فسجنه. فلما كانت ليلة الأربعاء ليوم بقى من شعبان سنة تسعين قتل الأمير أَبُو الْعَبَّاس. قتله ثلاثة من غلمانه الصقالبة عَلَى فراشه، وأتوا برأسه ابنه زيادة الله، وأخرج مِنَ الْحبس، وتملك، وقتل الثلاثة وصلبهم، وهو الَّذِي كَانَ واطأهم.

والمثل السائر: سمير الغضب يزول، ووالي الغدر معزول.

وكان قتله بمدينة تونس، رحمه الله.

٣٠٧- عبد الله بن جابر بن عبد الله [٢] .

أبو محمد الطرسوسي البزار.

قال ابن عساكر، وأبو أحمد الحاكم: سمع أبا مسهر، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ومحمد بن المبارك الصوري.

وعنه: أبو بكر محمد بن أحمد المستنير، وإبراهيم بن جعفر بن سنيد بن داود المصيصيان.

قلت: وهما شيخا الحاكم.


[١] الأبيات في: الحلّة السيراء ١/ ١٧٥.
[٢] انظر عن (عبد الله بن جابر) في:
تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ١٠/ ٨٩. وتهذيبه ٧/ ٣٢٥، ولسان الميزان ٣/ ٢٦٥، وموسوعة علماء الحديث في تاريخ لبنان الإسلامي ٣/ ١٧٣ رقم ٨٥٤.