للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي طويلة.

ومن شعره:

دَنَوْتَ تواضُعًا وَعَلَوْتَ مجدا ... فشأناك انحدارٌ وارتفاعُ

كذاك الشمسُ يبعد أنْ تُسَامَى ... ويدنو الضَّوء منها والشُّعَاعُ

وَلَهُ:

وَإِذَا دَجَتْ أقلامُه ثُمَّ انْتَحَتْ ... برقَت مصابيحُ الدُّجَى في كُتُبه

باللَّفْظ يَقْرُب فَهْمُهُ في بُعْدهِ ... منَّا وَيَبْعُدُ نَيْلُه في قُرْبه

حكم سَحَابتها خلالَ بَنَانه ... هطَالة قُلَيْبُها في قلبه

الرَّوْضُ مختلفٌ [١] بحُمْرة نُورِه ... وبياض زَهْرته وخُضْرة عُشْبه

وكأنّها- والسّمْعُ معقودٌ بها- شخصُ الحبيبِ بدا لعينِ مُحِبّه [٢] وَقَالَ أَيْضًا:

أتاك الرّبيع الطَّلْقُ يختال ضاحكًا ... من الحُسْن حَتَّى كاد أن يتكلّما

وقد نبّه النُّورُوز في مجلس الدُّجى ... أوائل وردٍ كَانَ بالأمس نُوَّما

وَقَالَ في قصيدةٍ مدح بها المتوكّل:

لو أَنَّ مشتاقًا تكلَّف غير ما ... في وُسْعِه لَسَعى إِلَيْهِ المنبر [٣]

فقال المستعين: لست أقبل من أحدٍ إِلا من قَالَ مثل هَذَا.

قَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بن يَحْيَى البلاذُرِيّ: فأنشدته لي:

ولو أَنَّ بُرْدَ المُصْطَفى إِذْ لبسْتُه ... يظنّ لظنّ الْبُرْدُ أنّك صاحبه

وَقَالَ- وقد أُعْطيته ولبِسْته- ... نعم، هذه أعطافه ومناكبه

قَالَ: فأجازني سبعة آلاف دينار [٤] .

ونقل القاضي شمس الدين بن خلّكان [٥] : كَانَ بحلب طاهر بن محمد الهاشميّ، محتشمٌ، خلّف لَهُ أَبُوه نحو مائة ألف دينار، فأنفقها عَلَى الشعراء والزُّوار في سبيل الله، فَقَصَدهُ البُحْتُريّ من العراق، فَلَمَّا وصل إلى حلب، قيل


[١] في تاريخ بغداد: «كالروض مؤتلفا» .
[٢] تاريخ بغداد ١٣/ ٤٤٨.
[٣] في وفيات الأعيان ٦/ ٢٤، ٢٥ «لمشى إليك المنبر» .
[٤] وفيات الأعيان ٦/ ٢٤.
[٥] في وفيات الأعيان ٦/ ٢٦، ٢٧.