للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ: إِنَّهُ قعد في بيته لديُون رَكِبَتْه، فاغتمّ البحتريّ، وبعث بالمدّحة إِلَيْهِ مَعَ غلام. فَلَمَّا وقف عليها طاهرٌ بكى، ودعا بغلامٍ لَهُ فَقَالَ: بعْ داري.

فقال: أتبيعها وتبقى على رءوس النّاس؟

قال: لا بدّ من بيعها.

فباعها بثلاثمائة دينار، فبعث إلى البُحْتُريّ بمائة دينار، وهذه الأبيات:

لو يكون الحَبَاء حَسْبَ الذي أَنتَ ... لدينا بِهِ محلّ وأهْلُ

لَحُبِيتَ اللُّجَيْنَ والدُّر والياقوتَ ... حَبيًا [١] ، وَكَانَ ذاك يقلُ

والأديب الأريبُ يسمعُ بالعُذْر ... إِذَا قصّر الصّديق الْمُقِلُّ

فَلَمَّا وصلت إلى البُحْتُريّ ردّ الذَّهَب، وكتب إليه:

بأبي أَنْتَ للبرِّ أهلُ ... والمساعي بعدٌ وسَعْيُك قبلُ

والنَّوالُ القليل يكثُر إن شاء ... مُرَجيّك والكثير يقلُّ

غير أنّي رددت برَّك إِذْ كَانَ ... ربًا منك، والرّبا لا يحلُّ

وَإِذَا ما جزيتّ شعرًا بشعرٍ ... قُضي الحقٌّ، والدّنانيرُ فضلُ

قَالَ: فحل طاهر الصُّرة وزادها خمسين دينارًا، وحلف أَنَّهُ لا يردّها عَلَيْهِ.

فَلَمَّا وصلت إلى البُحْتُريّ أنشأ يَقُولُ:

شكرتك إنَّ الشُّكر للعبد نعمةٌ ... ومَن يَشْكُر المعروفَ فاللَّه زائدُهْ

لكلّ زمانٍ واحدٌ يُقْتَدى بِهِ ... وَهَذَا زمانٌ أَنْتَ لا شكّ واحدُهْ [٢]

وَقِيلَ: إن أبا العلاء المَعَرّيّ سُئل: أيُّ الثلاثة أشعر: أَبُو تمّام، أم البُحْتُريّ، أم المتنبيّ؟

فَقَالَ: حكيمان، والشاعر البُحْتُريّ.

جمع الصُّوليّ شِعْرَ البُحْتُريّ ودوّنه عَلَى ترتيب الحروف. ودوّنه عَليّ بن حمزة عَلَى الأنواع.

وقد جمع البُحْتُريّ كتاب «الحماسة» كما فعل أَبُو تمام. وله كتاب «معاني الشعر» [٣] .


[١] في وفيات الأعيان ٦/ ٢٧ «حثوا» .
[٢] في وفيات الأعيان ٦/ ٢٧.
[٣] معجم الأدباء ١٩/ ٢٥، وفيات الأعيان ٦/ ٢٨.