للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أين أتى بها؟ رواها أبو عَمْرو بن حمدان، عن أبي طاهر الجنابذيّ، عن موسى [١] .

ثمّ قَالَ أبو طاهر: وكان المَعْمَرِيّ يقول: كنت أتولّى لهم الانتخاب، فإذا مرّ حديث غريب قصدت الشَّيخ وحدي، فسألته عنه [٢] .

قلت: لا جرم ما انتفع بتلك الغرائب وُجِدت إليه شرًّا.

وقال ابن عُرْوَة: سألت عبد الله بن أحمد بن المَعْمَرِيّ فَقَالَ: لا يتعمّد الكذِب، ولكنْ أحسب أنّه صحب قومًا يُوصِلُون [٣] .

قَالَ الحاكم: سمعت أبا بكر بن أبي دارم الحافظ يقول: كنت ببغداد لمّا أنكر موسى بن هارون على المَعْمَرِيّ تلك الأحاديث، وأنهى أمرهم إلى يوسف القاضي بعد أن كان إسماعيل القاضي توسَّط بينهما، فَقَالَ موسى بن هارون:

هذه أحاديث شاذّة عن شيوخ ثقات لا بدّ من إخراج الأصول بها.

فَقَالَ المَعْمَرِيّ: قد عُرِفَ من عادتي أنّي كنت إذا رأيت حديثًا غريبًا عند شيخ ثقة لا أعلم عليه، إنما كنت أقرأ من كتاب الشّيخ وأحفظه، فلا سبيل إلى إخراج الأصول بها [٤] .

وقال عليّ بن جمشاد: كنت ببغداد حينئذٍ فأخرج موسى نيفًا وسبعين حديثًا ذكر أنّه لم يشركْه فيها أحد، ورفض المَعْمَرِيّ مجلسه، فصار النّاس حزبين:

حزب للمعمري، وحزب لموسى. فكان من حجّة المَعْمَرِيّ أنّ هذه أحاديث حفظتها عن الشّيوخ لم أنسخها. ثمّ اتفقوا بأجمعهم على عدالة المَعْمَرِيِّ وتقدّمه [٥] .


[١] هو موسى بن هارون، والخبر في: تاريخ بغداد ٧/ ٣٧١.
[٢] تاريخ بغداد ٧/ ٣٧١.
[٣] أي يوصلون الحديث. (تاريخ بغداد ٧/ ٣٧١) و (الكامل لابن عدي ٢/ ٧٥٠) .
[٤] تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية ٤/ ٢٤٣ ب) .
[٥] تاريخ دمشق ٤/ ٢٤٤ ب، وفيه زيادة: «وعلى زيادة معرفته أبي عمران، وأنه لما رأى أحاديث شاذّة لم يتبعها إلّا أن يثبّتها ويبحث عنها» .