للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَسْقَلَةَ [١] ، فَجَاءَهُ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلامِ وَالشَّهَادَةِ [٢] .

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ وَنَزَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا طُوًى، قَالَ أَبُو قُحَافَةَ لابْنَةٍ لَهُ كَانَتْ مِنْ أَصْغَرِ وَلَدِهِ: أَيْ بُنَيَّةُ: أَشْرِفِي بِي عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ. فَأَشَرَفَتْ بِهِ عَلَيْهِ. فَقَالَ: مَاذَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ:

أَرَى سَوَادًا مُجْتَمِعًا، وَأَرَى رَجُلا يَشْتَدُّ بَيْنَ ذَلِكَ السَّوَادِ مُقْبِلا وَمُدْبِرًا. فَقَالَ:

تِلْكَ الْخَيْلُ يَا بُنَيَّةُ، وَذَلِكَ الرَّجُلُ الْوَازِعُ [٣] . ثُمَّ قَالَ: مَاذَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى السَّوَادَ انْتَشَرَ. فَقَالَ: فَقَدْ وَاللَّهِ إِذَنْ دُفِعَتِ الْخَيْلُ، فَأَسْرِعِي بِي إِلَى بَيْتِي.

فَخَرَجَتْ سَرِيعًا، حَتَّى إِذَا هَبَطَتْ بِهِ الأَبْطَحَ، لَقِيَتْهَا الْخَيْلُ، وَفِي عُنُقِهَا طَوْقٌ لَهَا مِنْ وَرِقٍ، فَاقْتَطَعَهُ إِنْسَانٌ مِنْ عُنُقِهَا. فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم المسجد، خرج أبو بكر حتى جاء بأبيه يقوده. فلما رآه رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَلا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَجِيئَهُ» ؟ فَقَالَ: يَمْشِي هُوَ إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقَّ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَيْهِ. فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ وَقَالَ: «أَسْلِمْ تَسْلَمْ» . فَأَسْلَمَ.

ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِيَدِ أُخْتِهِ فَقَالَ: أَنْشُدُ باللَّه وَالإِسْلامِ طوق أختي. فو الله مَا أَجَابَهُ أَحَدٌ. ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ. فَقَالَ: يَا أُخَيَّةُ، احْتَسِبِي طَوْقَكِ،


[١] قرن مسقلة: قال الأزرقي: هو قرن قد بقيت منه بقية بأعلى مكة في دبر دار سمرة عند موقف الغنم بين شعب ابن عامر وحرف دار رابغة في أصله، ومسقلة: رجل كان يسكنه في الجاهلية. (أخبار مكة ٢/ ٢٧٠)
[٢] يبايعونه بأعلى مكة عند سوق الغنم، قال محقّق كتاب «أخبار مكة» السيد رشدي الصالح ملحس: يقع سوق الغنم قديما في الوادي الواقع شرقي جبل الرقمتين، ويسمّى هذا السوق اليوم (سوق الجودرية) ويوجد ثمة مسجد صغير يسمّى (مسجد الغنم) ولا يبعد أن يكون هذا المسجد هو الّذي أشار إليه الأزرقي في بحث المساجد. (أخبار مكة ٢/ ٢٧١) حاشية رقم (١) .
[٣] في الأصل (ح) : الوادع. والتصحيح من النسخة (ع) . والوازع في الحرب من يدير أمور الجيش والموكل بالصفوف يردّ من شدّ منهم ويزع من تقدّم أو تأخّر بغير أمره.