للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فو الله إِنَّ الأَمَانَةَ الْيَوْمَ فِي النَّاسِ لَقَلِيلٌ [١] . وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عُمَرَ أَخَذَ بِيَدِ أَبِي قُحَافَةَ فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «غَيِّرُوا هَذَا الشَّيْبَ وَلَا تُقَرِّبُوهُ سَوَادًا» [٢] . وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَنَّأَ أَبَا بَكْرٍ بِإِسْلامِ أَبِيهِ.

مُرْسَلٌ.

وقال مالك، عَنِ ابن شهاب: أَنَّهُ بلغه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان عَلَى عهده نساء يُسْلِمْن بأَرْضِهنّ، منهنّ ابْنَة الوليد بْن المُغِيرة، وكانت تحت صَفْوان بْن أميّة، فأسلمت يوم الفتح [٩٩ ب] وهرب صفوان. فبعث إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عمّه عُمَيْر بْن وهب برداء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمانًا لصفوان، ودعاه إلى الإسلام، وأن يَقْدَم عَلَيْهِ، فإنْ رَضِي أمرًا قَبِله، وإلا سيّره شهرين.

فقدم فنادى على رءوس النّاس: يا مُحَمَّد، هذا عُمير بن وهب جاءني بردائك وزعم أنّك دعوتني إلى [٣] القدوم عليك، فإنّ رضيتُ أمرًا قبلته، وإلّا سيَّرتَني شهرين. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انزِلْ أَبَا وهب. فقال: لا والله، لا أنزل حتّى تبيّن لي. فقال: بل لك تَسْيِير أربعة أشهر. فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَل هَوازِن، فأرسل إلى صفوان يستعيره أداةً وسلاحًا. فقال صفوان: أَطَوْعًا أو كَرْهًا؟

فقال: بلْ طوعًا. فأعاره الأداة والسلاح. وخرج مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو كافر، فشهد حنينا والطائف، وهو كافر وامرأته مسلمة. فلم يفرّق رسول الله صلّى الله عليه وسلم بينهما حتّى أسلم، واستقرّت عنده بذلك النِّكاح. وكان بين إسلامهما نحو من شهر [٤] .


[١] السيرة النبويّة لابن هشام ٤/ ٩١.
[٢] أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٣٨.
[٣] في الأصل «على» والتصحيح من (ع) و (ح) .
[٤] أخرجه الإمام مالك (الموطّأ ٢/ ٧٥، ٧٦) في النكاح، باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله، وهو من بلاغات مالك التي لا يعلم اتصاله من وجه صحيح. قال ابن عبد البرّ: وهو