للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفقّه على أبي القاسم الأنماطيّ، وأخذ عنه خلْق.

وعنه انتشر، مذهب الشّافعيّ.

وقال أبو عليّ بن خَيْران: سمعتُ أبا العبّاس بن سُرَيْج يقول: رأيت كأنّا مطرنًا كبريتًا أحمر، فملأت أكمامي وحِجري، فعبر لي أن أرزق علمًا عزيزًا كعزة الكبريت الأحمر [١] .

وقال أبو الوليد الفقيه: سمعت ابن سريج يقول: قل ما رأيت من المتفقهة مَن اشتغل بالكلام فأفلح. يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام.

قال الحاكم: سمعت حسّان بن محمد الفقيه يقول: كنّا في مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاثمائة، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي، فإن الله يبعث عَلَى رَأْسِ كُلِّ مَائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ، يعني للأمة، أمر دينها. والله تعالى بعث على رأس المائة عُمَر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين أبا عبد الله الشّافعيّ، وبعثك على رأس الثّلاثمائة. ثمّ أنشأ يقول:

اثنان قد مضيا فبورك فيهما ... عُمَر الخليفة، ثم حلف السؤدد

الشّافعيّ الألمعيّ محمد [٢] ... إرث النبوة [٣] وابن عم محمد

أبشر [٤] أبا العبّاس إنك ثالث ... من بعدهم سقيًا لتربة أحمد

[٥] فصاح أبو العبّاس بن سُريْج وبكي وقال: لقد نَعَى إليَّ نفسي.

قال حسّان: فمات القاضي أبو العبّاس في تلك السّنة.

قلت: وكان على رأس الأربعمائة أبو حامد الأسفراييني، وعلى رأس الخمسمائة الغَزَاليّ، وعلى رأس السّتّمائة الحافظ عبد الغنيّ، وعلى رأس السّبعمائة شيخنا ابن دقيق العِيد. على أن بعضَ هؤلاء يخالفني فيهم خلق من العلماء.


[١] تاريخ بغداد ٤/ ٢٨٨.
[٢] في تاريخ بغداد: «المرتضى» .
[٣] في تاريخ بغداد: «خير النبوّة» .
[٤] في تاريخ بغداد: «أرجو» .
[٥] تاريخ بغداد ٤/ ٢٨٩.