للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا عَوْفٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ، عَمَّنْ شَهِدَ حُنَيْنًا كَافِرًا، قَالَ: لَمَّا الْتَقَيْنَا وَالْمُسْلِمُونَ لَمْ يَقُومُوا لَنَا حَلْبَ شَاةٍ [١] ، فَجِئْنَا نَهُشُّ سُيُوفَنَا بين [١٠٤ ب] يدي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا غَشِينَاهُ إِذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رِجَالٌ حِسَانُ الْوُجُوهِ، فَقَالُوا: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، فَارْجِعُوا. فَهُزِمْنَا مِنْ ذَلِكَ الْكَلامِ. [إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ] [٢] .

وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَغَيْرُهُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَدْ عَرِيَ [٣] ، ذَكَرْتُ أَبِي وَعَمِّي وَقَتْلَ عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ إِيَّاهُمَا. فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي مِنْ مُحَمَّدٍ. فَذَهَبْتُ لأَجِيئَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا أَنَا بِالْعَبَّاسِ قَائِمٌ، عَلَيْهِ دِرْعٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ يَكْشِفُ عَنْهَا الْعَجَاجُ، فَقُلْتُ عَمُّهُ وَلَنْ يَخْذُلَهُ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ ابْنُ عَمِّهِ وَلَنْ يَخْذُلَهُ.

قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ أُسَوِّرَهُ سَوْرَةً بِالسَّيْفِ، إِذْ رُفِعَ لِي شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَأَنَّهُ بَرْقٌ، فَخِفْتُ يَمْحَشُنِي [٤] ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى بَصَرِي وَمَشَيْتُ الْقَهْقَرَى. وَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «يا شيب [٥] » يَا شَيْبُ، ادْنُ مِنِّي، اللَّهمّ أَذْهِبْ عَنْهُ الشَّيْطَانَ» . فَرَجَّعْتُ إِلَيْهِ بَصَرِي، فَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي. وَقَالَ: «يَا شَيْبُ، قَاتِلِ الْكُفَّارَ» . غَرِيبٌ جِدًّا [٦] . وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُصْعَبِ [٧] بْنِ شيبة، عن


[١] لم يقوموا لنا حلب شاة: أي لم يصمدوا للقتال مقدار ما يستغرقه حلب الشاة من الوقت.
[٢] زيادة من ح. وانظر: المغازي للواقدي ٣/ ٩٠٦.
[٣] في الأصل: «غزي» . والتصحيح من ع، ح. وعري: انكشف.
[٤] محشه وأمحشه: يحرقه.
[٥] في الأصل: «يا شبيب» . والمثبت من ح. وشيب: مرخّم شيبة.
[٦] أخرجه ابن عساكر، انظر: تهذيب تاريخ دمشق ٦/ ٣٥٠، والمغازي للواقدي ٣/ ٩٠٩، ٩١٠.
[٧] في الأصل، ع: «منصور بن شيبة» . والتصحيح من (ح) ومن ترجمته في تهذيب التهذيب (١٠/ ١٦٢) .